لم يستقر إلا بعد الحلول في الجناية ، شمل الجاني والعاقلة ، إلا أنه ينتقض بالرهن على الثمن في الخيار ، فالظاهر جواز أخذ الرهن من الجاني كالدين المؤجل » ولعل بناء المسألة على ما ذكرنا أولى بعد الإغضاء عما في بعض كلامه ، ونسأل الله التوفيق لتحقيق ذلك في محله فتأمل.
وكذا لا يصح الرهن على مال الجعالة قبل الرد لعدم استحقاق المجعول له قبل العمل ، بلا خلاف أجده فيه ، بل وقبل تمام العمل وإن شرع فيه ، خلافا للفاضل في التذكرة ، فجوزه بعد الشروع قبل التمام ، لانتهاء الأمر فيه إلى اللزوم ، كالثمن في مدة الخيار ، وأشكله في المسالك بعدم استحقاق شيء وإن عمل الأكثر ، قال : « والفرق بينها وبين الخيار واضح ، لأن البيع متى أبقى على حاله انقضت مدة الخيار ، وثبت له اللزوم ، والأصل فيه عدم الفسخ ، عكس الجعالة فإن العمل فيها لو ترك على حاله لم يستحق بسببه شيء ، والأصل عدم الإكمال ».
قلت : مدار الحكم على الاستحقاق بالشروع وعدمه ، وظاهرهم في الجعالة الثاني ولعلها غير الأجرة على العمل التي يملكها بالعقد ، كما هو مقتضى المعاوضة ، وإن كان لا يستحق تسليمها إلا بالعمل ، بخلاف الجعالة التي مورد العقد فيها أنها عوض العمل ، لا ملكه على المجعول له ، ولذا كانت جائزة بالنسبة إليه ، وتحقيق الحال في محله إنشاء الله.
وكيف كان فلا إشكال في أنه يجوز الرهن على مال الجعالة بعده أي العمل ، بل ولا خلاف ، بل في التذكرة الإجماع ، لحصول الاستحقاق به كما هو واضح ، ويجوز على مال الكتابة المطلقة بلا خلاف على ما في المسالك ، بل ولا إشكال ، لثبوت الحق بها ولزومها من الطرفين ، بل والمشروطة على الأقوى ، وفاقا للمشهور عند المتأخرين ، لأنها لازمة للمكاتب مطلقا عندنا كما في المختلف ، بل لو قلنا : بالجواز بالنسبة إليه خاصة ، أو إلى المولى معه اتجه الصحة أيضا ، لعدم منافاته لاستحقاق المولى كالثمن في مدة الخيار كما أنه لا ينافيها تسلط المولى على رده في الرق ، إذ قد لا يريده.