ماله إذا افتقر إلى ذلك للاستدانة ونحوها بلا خلاف أجده فيما بيننا ، وإنما حكي عن بعض الشافعية ، ولا ريب في فساده ، لكن مع مراعاة المصلحة التي هي الأحسن الذي « نهى الله (١) عن القرب إلى ماله بدونه » كأن يستهدم عقاره فيروم رمه وإصلاحه أو يكون له أموال يحتاج إلى الإنفاق لحفظها من التلف ، أو الانتقاص ، فيرهن بذلك ما يراه من أمواله إذا كان استبقاؤها أعود له أي للطفل من بيعها ، إذا لم يمكن البيع أو غير ذلك من المصالح التي لا تنضبط لاختلافه باختلاف الأمكنة والأزمنة والأحوال.
فالضابط فيه الميزان المزبور التي تقتضي أيضا غالبا وضع الرهن على يد عدل يجوز إيداعه منه ، أو من يطمئن به عليه من التلف ونحوه ، بل قد تقتضي صحة رهن ماله فيما إذا اشترى له بمأة نسيئة ما يساوي مائتين ، ورهن من ماله ما يساوي ماءة ، فإن لم يعرض التلف ففيه الغبطة الظاهرة ، وإن عرض فلا ضرار ، أيضا.
بل قد يقال : بالجواز فيما إذا لم يرض إلا برهن تزيد قيمته عن المأة إذا كان مما لا يخشى تلفه كالعقار ونحوه ، بل عن التذكرة قوة جوازه إذا كان على يد من يجوز إيداعه ، وبالجملة الأمر في ذلك غير منضبط ، ومع فرض تعدد أفراد المصلحة ولا ترجيح تخير ، والطفل في المتن وغيره من باب المثال ، ضرورة الجواز أيضا لولي المجنون والسفيه أيضا والمسألة غير مخصوصة بالرهن ، بل هو كغيره من التصرفات لهم المحرر جملة من أحكامها في غير المقام والله أعلم.
الفصل الخامس : في المرتهن
ويشترط فيه : ما يشترط في الراهن من كمال العقل وجواز التصرف والاختيار على حسب ما سمعته في ذلك كله ، لكن الظاهر أنه لا بأس بقبول السفيه والمفلس الارتهان الذي ليس بمستحق على المديون بشرط ونحوه ، إذا كان الدين من غيره ، أو منه قبل الحجر ، لأنه ليس تصرفا ماليا ، ولا مناف له ، بل فيه مصلحة
__________________
(١) سورة الانعام الآية ـ ١٥٢.