( الثالث )
من الأمور التي يقع فيها النظر في أحكامه وهي مسائل الأولى : القرض أي المال المقترض يملك بالقبض عندنا كما في التذكرة ، وبلا خلاف فيه بيننا في السرائر ، بل قيل : إن جملة من العبادات تشعر بالإجماع عليه ، بل عن بعضهم دعواه صريحا عليه لا قبله بعقد القرض إجماعا بقسميه ولا بالتصرف بعده ، لأصالة عدم شرط آخر في حصول الملك بالعقد الذي لولا الإجماع السابق لاتجه القول بحصوله بتمامه من دون قبض ، على حسب غيره من العقود التي لا ريب في ظهور الأدلة في اقتضائها التمليك ، ضرورة صدق مسماها بها.
اللهم إلا أن يمنع خصوص عقد القرض منها ، بدعوى ظهور الأدلة في توقف مسماه على حصول القبض ، وعليه فالمتجه حصول الملك به حينئذ من غير حاجة إلى أمر آخر من التصرف وغيره.
ودعوى أنه هو الشرط ، لا أنه شرط آخر بعد القبض ، يدفعها معلومية عدمها عند الخصم ، ومقتضاها جواز التصرف به من البيع ونحوه قبل القبض ، وهو معلوم العدم ، بل لا بد من القبض بإذن المالك في جواز التصرف ، وحينئذ فعدم البأس بسائر أنواع التصرفات فيه التي منها المعلوم توقفه على الملك كالوطي ، أقوى شاهد على حصول الملك قبله.
كما أشار إليه المصنف بقوله ولانه فرع الملك فلا يكون مشروطا به وأومأ إليه ابن زهرة في الغنية حيث قال : « وهو مملوك بالقبض ، لأنه لا خلاف في جواز التصرف بعد قبضه ، ولو لم يكن مملوكا لما جاز ذلك » كالفاضل في التذكرة حيث استدل عليه بأنه قبض لا يجب أن يتعلق به جواز التصرف فوجب أن يتعلق به الملك كالقبض في الهبة ، ولأنه إذا قبضه ملك التصرف فيه من جميع الوجوه ، ولو لم يملكه لما ملك التصرف ، ولانه يحصل بالقبض في الهبة ففي القرض أولى لأن للعوض مدخلا