كتاب المفلس
المفلس بالكسر لغة هو الفقير الذي ذهب خيار ماله وبقي فلوسه ونحوه ما في القواعد من أنه من ذهب جيد ماله ، وبقي رديه ، فصار ماله فلوسا وزيوفا ، ولعل العرف الآن على كون المفلس بالكسر أعم من الذاهب خيار ماله ، بل هو شامل لمن لم يكن له مال من أول أمره إلا الفلوس. نعم قد يقال إن المفلس بالفتح عرفا ذلك ، على أنه لا يخلو من بحث ، وعن المبسوط أن المفلس لغة هو الفقير المعسر وهو مشتق من الفلوس ، وكان معناه نفى خيار ماله وجيده ، وبقي معه الفلوس ، وعن التحرير أنه مأخوذ من الفلوس التي هي آخر مال الرجل.
وعن التذكرة الإفلاس مأخوذ من الفلوس ، وقولهم أفلس الرجل كقولهم أخبث أي صار أصحابه خبثاء ، لأن ماله صار فلوسا وزيوفا ، ولم يبق له مال خطير ، وكقولهم أذل الرجل : أى صار إلى حالة يذل فيها ، وكذا أفلس أي صار إلى حالة يقال فيها ليس معه فلس ، أو يقال لم يبق معه إلا الفلوس ، أو كقولهم أسهل الرجل وأحزن ، إذا وصل إلى السهل والحزن ، لأنه انتهى أمره إلى الفلوس.
والأصل أن المفلس في عرف اللغة هو الذي لا مال له ، ولا ما يدفع به حاجته ، ولهذا لما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) « أتدرون ما المفلس؟ قالوا : يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، قال : ليس ذلك المفلس ، ولكن المفلس من يأتي يوم القيامة حسناته أمثال الجبال ، ويأتي وقد ظلم هذا ، وأخذ من عرض هذا ، فيأخذ هذا من
__________________
(١) صحيح مسلم ج ٤ كتاب البر والصلة الحديث ٥٩ طبع دار احياء التراث العربي بيروت ، مسند احمد بن حنبل ج ٢ ص ٣٠٣ طبع دار صادر بيروت.