وقواه المصنف في المختلف ، وقوته بينة ».
وهو كما ترى ضرورة تعين الوجه الثاني في النظر الأول وقوله « لا معنى » إلى أخره لا معنى له ، إذ ذلك لازم للفسخ فيه وحده ، وإن كان مراده أنه لا معنى للتعبير عن ذلك بالأخذ بالحصة ، وفيه أنه متعارف في إرادة الفسخ فيما يقابله من الثمن ، كما أن النظر الثاني يدفعه ما أومأنا إليه من اشتراك التبعيض بالنسبة إليهما ، وأنه لا مانع منه بعد قضاء الدليل به ، واما الثالث فالفرق بين المقام وبين الأرش واضح ، ضرورة حصول فسخ العقد من أصله ، وكان مقتضى الضابطة الرجوع بالأرش على مقتضى القيمة ، لأنه ليس أرش معاوضة ، إلا أنه لما منع عنه قاعدة عدم اجتماع العوض والمعوض ، وجب التقييد فيه بذلك ، بخلاف المقام الذي هو فسخ للعقد بالنسبة إلى الموجود ، دون التالف ، فليس حينئذ إلا ما يخصه من الثمن بالنسبة ، ولا مدخلية للقيمة هنا أصلا ، ومن ذلك يعلم ما في كلامه الأخير ، بل وما في كلام ابن الجنيد الذي قواه في المختلف ، واستظهر منه في جامع المقاصد الفسخ في الجميع ، مع أن ما فيه من أخذ الموجود بالقيمة ينافي ذلك ، وعلى كل حال فكلام الأصحاب هنا في محله ، وليس فيه إلا تبعيض مقتضى العقد ، ولا بأس به بعد قضاء الدليل. فتأمل جيدا والله أعلم.
نعم إنما الإشكال في قول المصنف وغيره من الأصحاب ، بل لعله المشهور وكذا لو وجده معيبا بعيب قد استحق أرشه لكون الجاني أجنبيا ولو البائع ضرب مع الغرماء بأرش النقصان وإن زاد على الثمن فإنه ليس جمعا بين العوض والمعوض عنه ، كما سمعته من جامع المقاصد ، ويحتمل أن يريد بالأرش جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة النقصان إلى القيمة إن كان الثمن أنقص عن القيمة ، وإلا فنقصان القيمة ، كما صرح به في القواعد ، قال : « وإن كان بجناية أجنبي أخذه البائع ، وضرب بجزء من الثمن علي نسبة نقصان القيمة لا بأرش الجناية ، إذ قد تكون كل الثمن ، كما إذا اشترى عبدا بمائة تساوي مائتين فقطعت يده ، فيأخذ العبد والثمن ، وهو باطل ، هذا إن نقص الثمن عن القيمة ، وإلا فنقصان القيمة وعلى كل حال فهذا كله لو كانت الجناية توجب أرشا.