حق للغرماء والممنوع إنما هو لإثبات مال الغير من دون حق ، إذ أقسام اليمين لإثبات مال الغير ثلاثة ، كما عن حواشي الشهيد الأول : أن لا يكون للحالف حق فلا يصح حلفه إجماعا ، الثاني : أن يكون للحالف حق ولغيره حق ، لكن حق الحالف مقدم ، وهو محل البحث ونحوه المرتهن ، الثالث : أن يكون للحالف حق ولغيره حق ، ولكن حق الغير مقدم ، كالراهن ومالك الجاني فهذا يحلف ، ويثبت حق غيره إجماعا ، وفيه أن الأصل عدم ثبوت الحق باليمين ، فيقتصر في خلافه على المتيقن ، وهو محل الإجماع ويبقى غيره على الأصل ، ومنه ما نحن فيه.
نعم يمكن التوصل هنا إلى حلف الغرماء بان ينقلوا المال إليهم بعقد شرعي يعلم به الشاهد ، ثم يشهد ويحلفون ، لكن يخرج عما نحن فيه ، وكذا الكلام فيما لو كان الدين لميت ، ونكل الوارث ، وأراد الغرماء الحلف ، إلا أن المحكي هنا عن حواشي الشهيد جواز حلفهم ، ولعله للفرق بينه وبين المفلس بتعذر الوصول إلى الحق من الميت بخلاف المفلس ، لكنه كما ترى لا يصلح مخرجا عن الأصل المزبور ، فتأمل جيدا والله أعلم.
وإذا مات المفلس حل ما عليه بلا خلاف ولا إشكال كما تقدم سابقا ، ولا يحل ماله عند المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة ، بل عن الغنية نفي الخلاف فيه. بل عن الخلاف لا خلاف فيه بين المسلمين. للأصل بعد حرمة القياس ، على أن الفارق موجود بتضرر الورثة بالامتناع عن التصرف ، والغرماء به ، ولكن فيه رواية أخرى مرسلة لأبي بصير (١) وقد ذكرناها سابقا مهجورة عند معظم الأصحاب ، إذ لم أجد من عمل بها إلا الشيخ في المحكي عن نهايته التي ليست هي كتاب فتوى ، وأبا الصلاح ، والقاضي ، والطبرسي ، فيما حكي عنهم. وهو لا يصلح جابرا لها كي تصلح لقطع الأصل بل الأصول كما هو واضح.
وينظر المعسر إلى الميسرة ، كما قال الله تعالى (٢) ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ )
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ١.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٠.