هي نوع تكسب أيضا ، ودعوى ـ أنها ليست منه ، بل هي منفعة ، وقد تقدم أن التحقيق كون المنفعة مالا يتعلق بها حق الغرماء ـ يدفعها أنه لا إشكال في عدم عد منفعة الحر مالا ، ولذا لا تضمن بالفوات. وإنما تكون مالا بالإجارة ، لا قبلها ، فلا يتعلق بها حينئذ حق للغرماء ، فما عن مالك ـ في رواية من أنه إن كان يعتاد إجارة نفسه لزم ، وأحمد وإسحاق وعمر بن عبد العزيز وعبد الله بن الحسن العنبري وسوار من أنه يؤاجر ، فإن امتنع جبره القاضي ـ واضح الضعف ، وان احتجوا بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) « باع سرقا في دينه ، وكان سرق رجل دخل المدينة ، وذكر أن وراه مال ، فداينه الناس فركبته الديون ، ولم يكن وراه مال ، فأتى به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فسماه وباعه بخمسة أبعرة » ، والحر لا يجوز بيعه فثبت أنه باع منافعه.
بل ورد في طريق الخاصة خبر محمد بن سليمان (٢) عن رجل من أهل الجزيرة يكنى أبا محمد قال : « سأل الرضا عليهالسلام رجل وأنا أسمع ، فقال له : جعلت فداك إن الله عز وجل يقول ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ ) أخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه لها حد يعرف ، إذا صار هذا المعسر إليه لا بد له من أن ينتظر ، وقد أخذ مال هذا الرجل وأنفقه على عياله ، وليس له غلة ينتظر إدراكها ولا دين ينتظر محله ، ولا مال غائب ينتظر قدومه؟ قال : نعم ينتظر بقدر ما ينتهى خبره إلى الامام ، فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين ، إذا كان أنفقه في طاعة الله عز وجل ، فإن كان أنفقه في معصيته ، فلا شيء له على الامام ، قلت : فما لهذا الرجل الذي ائتمنه ، وهو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة الله أو في معصيته ، فقال : يسعى له في ماله ، فيرده عليه وهو صاغر ».
وخبر السكوني (٣) عن الصادق عن الباقر عليهماالسلام « ان عليا عليهالسلام كان يحبس في الدين ، ثم ينظر فإن كان له مال اعطى الغرماء ، وإن لم يكن له مال دفعه إلى
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٥٠.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب أحكام الحجر الحديث ـ ٣.