تقديره فهو معارض بالمنساق من الآية والرواية المعتضدتين بكلام الأصحاب ، فتأمل جيدا. لكنه مع أنه واضح النظر لا يحسم مادة الإشكال المتقدم القاضي بالوجوب الذي منه يعلم عدم الفرق بين المكتسب وغيره ، بل وبين اللائق به وغيره في وجه ، كما أنه يعلم منه أنه لا تسلط للغرماء على استعماله ، ومؤاجرته المنافية للأنظار ، وتخلية السبيل ، وإن وجب عليه هو السعي في قضاء دينه ، فتأمل جيدا. والله أعلم.
القول الثالث في قسمة ماله بين غرمائه بعد بيعه ، قال الفاضل في القواعد « ينبغي للحاكم المبادرة إلى بيع ماله ، لئلا تطول مدة الحجر » وظاهر لفظ « ينبغي » فيها الاستحباب ، كما هو صريح التذكرة ، لكن قد يقال : إن الحجر على خلاف الأصل ، فيجب الاقتصار فيه على قدر الحاجة ، فتجب المبادرة حينئذ خصوصا بعد مطالبة الديان ، والفرض قيام الحاكم مقام المديون ، وخصوصا مع مصلحة المفلس في التعجيل مخافة التلف ، ويجب على الحاكم مراعاة المصلحة ، ولعله لذا قال في التحرير « على الحاكم أن يبادر إلى بيع ماله وقسمته » بل في جامع المقاصد « إن الوجوب أظهر ».
نعم لا يفرط في المبادرة بحيث يؤدى إلى فساد في المال ، بأن يطمع المشترون فيه بثمن بخس ، وفي المتن والقواعد ومحكي المبسوط والتحرير والإرشاد يستحب إحضار كل متاع إلى سوقه ، لتتوفر الرغبة ومقتضاه جواز بيعه في غير سوقه ، ولو رجي الزيادة فيه ، لكن في جامع المقاصد أنه لا يبعد الوجوب ، إلا أن يقطع بانتفاء الزيادة بإحضاره في سوقه ، وفي المسالك إنما يستحب الإحضار إذا وثق بانتفاء الزيادة لو بيع في غير سوقه ، والا فالأولى الوجوب ، لأن بيعه فيه أكثر لطلابه ، وأضبط لقيمته ، ولكن أطلق الجماعة الاستحباب ، وظاهر اللمعة الوجوب ، وبه جزم في الروضة مع رجاء زيادة القيمة قلت : قد يقال : الأصل البراءة إذا باعه بثمن مثله في غيره ، ورجاء الزيادة تطلب للإصلاح ، ولا يجب عليه ، إذ لا يزيد على مال الطفل الذي لا يجب فيه مراعاة الغبطة ، وعلى كل حال لو شق نقله إلى سوقه ، نودي عليه.