والفتوى ، فإني لا أجد خلافا في ذلك ، إلا ما تقدم سابقا من الصدوق في المعسر بصرف ما استدانه في معصية ، وقد عرفت ضعفه.
وكيف كان ف يثبت ذلك أي إعساره بموافقة الغريم جميعهم وإلا ففي حق الموافق ، ولو فرض تعدده وجمعه لشرائط الشهادة ثبت حينئذ ، واندرج تحت قول المصنف كغيره من الأصحاب أو قيام البينة لكن على التفصيل الاتى خلافا لبعض العامة ، حيث جعل قيام البينة به غير مانع من حبسه مدة يغلب على ظن الحاكم أنه لو كان له مال لظهر ، وهو كما ترى.
فإن تناكرا أي الغريم والمديون في الإعسار وعدمه وكان له أى للمديون مال ظاهر غير المستثنيات لم يقبل دعواه ، وأمر ه الحاكم بالتسليم إن كان المال من جنس الحق أو تراضيا به ، وإلا صرف اليه ببيع ونحوه فان امتنع فالحاكم بالخيار ، بين حبسه حتى يوفي بنفسه لوجوبه عليه ، بل مماطلته فيه تحل عقوبته بالحبس وغيره وعرضه ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « لي الواجد يحل عقوبته وعرضه » المعمول بإطلاقه بين الأصحاب ، من غير ملاحظة مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد سمعت النصوص (١) المتضمنة لفعل أمير المؤمنين عليهالسلام « فيمن كان يلتوي على غرمائه » بل لعل إطلاق الخبر المزبور يقضي بحلية ذلك للغريم وغيره ، اللهم إلا أن يدعى أن الحبس ونحوه من وظائف الحاكم ، لانه كالتعزير الملحق بالحدود.
نعم لا إشكال في حلية العرض للغريم ، بأن يقول له يا ظالم ونحوه لذلك ، وقوله تعالى (٢) ( لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ ) ولا يلزم التفكيك في الخبر ، إذ المراد من الحبس حينئذ أن يحبسه عند الحاكم ، فيكون التحليل له فيهما ، بل الظاهر جواز ذلك للحاكم ، لإطلاق الخبر المزبور ، بل وغيره في وجه.
وعلى كل حال فهو بالخيار بين ما عرفت وبين بيع أمواله وقسمتها
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب الحجر.
(٢) سورة النساء الآية ـ ١٤٨.