حينئذ ملكا إلى مالكه ، وهذا غير مطالبة المقترض بعوض المال في كل وقت ، حتى يقال إنه كان حاصلا بدون الشرط.
ومن ذلك يظهر لك النظر فيما في الدروس من أن اشتراط الخيار في عقد القرض لغو ، ضرورة أن اشتراطه يفيد التسلط على فسخ العقد نفسه ، بحيث يرجع عين المال إلى مالكه ، وهو أمر غير مطالبة المقرض بالقيمة أو المثل فتأمل جيدا.
فإن المسألة قد وقع فيها اشتباه عظيم وخلط وخبط نشأ من تخيل كون القرض من العقود الجائزة باعتبار أن المقرض له المطالبة متى شاء ، والمقترض له الوفاء كذلك وأن الشرائط في العقود الجائزة غير لازمة ، لتسلط كل منهما على فسخ أصل العقد فلا يلزم الشرط فيه ، وهذا كله وهم في وهم. بل قد يومئ ما دل على بطلان ما جر نفعا من الشرائط في عقد القرض إلى لزوم الشرائط فيه ، وإلا كان الشرط فيه وعدا لا يجب الوفاء به ، فلا يتحقق به الربا ، لما عرفت فتأمل.
كما أن ذكرهم الصحة في كثير من الشرائط التي لا تجر نفعا للمقرض ظاهر في اللزوم ، لا أن المراد منها عدم البطلان وإ كان لا يلزم المشروط عليه ، إذ صحة كل شيء بحسب حاله فصحة الشرط لزومه ، بل قد يشكل صحة القرض مع اشتراط الأجل الذي قلنا بعدم لزومه إذا كان المقترض قد علق رضاه على تخيل لزوم الأجل ولو جهلا منه ، ضرورة كونه حينئذ كالشرائط الفاسدة التي يبطل العقد معها ، باعتبار تعلق الرضا عليها في قول ، والله أعلم.
المسألة الثالثة : من كان عليه دين وغاب صاحبه غيبة منقطعة الخبر يجب على المديون البقاء على أن ينوي قضاءه إجماعا محكيا إن لم يكن محصلا ، للأصل وللمنساق من صحيح زرارة (١) « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الرجل يكون عليه الدين لا يقدر على صاحبه ، ولا على ولي له ، ولا يدرى بأي أرض هو قال : لا جناح عليه بعد أن يعلم الله منه أن نيته الأداء » وللنصوص (٢) الدالة على أن
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٢ ـ من أبواب الدين ـ الحديث ـ ١.
(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب الدين الحديث ـ ١.