الوفاء ، وحينئذ يكون اجتهادا في مقابلة النص ، كقوله بعدم جواز الاستدانة لغير الواجب من الحج الذي قد عرفت تصريح الخبر به ، قال في السرائر : « لا يجوز للإنسان أن يستدين ما يصرفه في نفقة الحج إلا بعد أن يكون الحج قد وجب عليه لوجود شرائطه ، ويكون له مال إذا رجع اليه قضى منه دينه ، وما ورد من الأخبار في جواز الاستدانة للنفقة في الحج محمول على ما ذكرناه وحررناه ، لا على من لا يكون الحج قد وجب عليه ولا يكون له مال إذا رجع إليه قضى منه دينه ، لأن هذا لا يجب عليه الحج وهو على هذه الصفة ، وإذا كان كذلك لا يجب عليه ، فلا يجوز أن يستدين ليفعل ما لا يجب عليه ».
ويمكن أن يريد بعدم الجواز الكراهة ، خصوصا مع ذكره قبل ذلك « أن الاولى للمختار أن لا يستدين إلا إذا كان له ما يرجع إليه فيقتضي به دينه ، فإن لم يكن له ما يرجع اليه فقد روي أنه إن كان له ولي يعلم أنه إن مات قضى عنه قام ذلك مقام ما يملك » إلى أن قال : « فإذا خلا من الوجهين فإنه يكره له الاستدانة وليس ذلك بمحظور إذا كان عازما على القضاء منفقا له في الطاعات والمباحات » وهو صريح فيما قلنا ، فمن الواجب حمل كلامه على ما ذكرناه والله أعلم.
المقصد السادس
من المقاصد التي استدعاها النظر في السلف في دين المملوك
لكن ينبغي أن يعلم أولا : أنه لا يجوز للمملوك فضلا عن غيره أن يتصرف في نفسه بإجارة ، ولا استدانة ، ولا غير ذلك من العقود ، ولا بما في يده ببيع ولا هبة إلا بإذن سيده ولو حكم له بملكه لما عرفته سابقا من كونه محجورا عليه ، وأنه لا يقدر على شيء. بل لا يبعد عدم جواز التصرف له في نفسه لنفسه بما يزيد على ضروريات تعيشه ، وما علم من السيرة وغيرها عدم تسلط المولى على منعه منها من بعض حركات بدنه ونحوها ، كالعلم بعدم توقف الرخصة في بعض الأفعال له على