بذور الثورة
وعلى ضوء ما ذكرنا بدأ القلق يساور المسلمين من جراء تلك السياسة ، فهم يرون الخلافة وقد أخذت تجنح نحو المنحدر الخطير ، نحو الملك حيث الحكم بالمال أو السيف . فها هي بدأت تفقد هيبتها وفاعليتها وسيطرتها ، فكان لا بد لهم ـ والحال هذه ـ أن يهيئوا أنفسهم لمواجهة الأمر الواقع تفادياً لما هو أعظم وأخطر ، فأخذ كل فردٍ منهم يشعر بالمسؤولية وبضرورة معالجة الموقف قدر المستطاع .
وهذا العبىء الثقيل يلقى بالدرجة الأولى على كاهل أصحاب الأمانة ، وهم الصحابة من المهاجرين والأنصار ، فهم الذين عايشوا مسيرة الإِسلام وسيرة نبيه ومن خلَفَهُ من بعده ، فقد إختاروا لأنفسهم كلمة الفصل في الظروف الصعبة واختارها لهم عامة المسلمين ، فكانت المسؤولية وكان عليهم تقرير المصير .
وبالفعل ، فإنهم لم يدخروا النصيحة فلقد
بادروا إلى مصارحة الخليفة وتوجيه النقد له ولسياسته وجهاً لوجه أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة ، وكان في الطليعة عمار بن ياسر الذي كان يتمتع بنصيب وافر من الجرأة والإِقدام ، والثقة من أصحاب رسول الله ( ص ) فاجتمع هو وبعض الصحابة ، منهم