مما دفع بأم المؤمنين عائشة أن تحرّض الناس عليه بكلمتها المشهورة : إقتلوا نعثلاً قتله الله فقد كفر (١) .
وقبل مقتل عثمان بعام التقى أهل الأمصار الثلاثة ـ الكوفة والبصرة ومصر ـ بالمسجد الحرام ، فتذاكروا سيرة عثمان وتبديله ، وقالوا : لا يسعنا الرضى بهذا ، وكانوا قد اختاروا زعماء لهم يتكلمون باسمهم فاتفقوا أن يرجع كلٌّ إلى وطنه ثم يأتون في العام المقبل إلى عثمان في داره فيستمعوه ، فإن اعتذر إليهم ، وإلا رأوا رأيهم فيه .
ولما حضر الوقت خرج الأشتر مع أهل الكوفة في ألف رجل ، وحَكيم بن جبلة العبدي في مائة وخمسين من أهل البصرة ، وجاء أهل مصر في أربعمائة ، وقال ابن أبي الحديد : في ألفين ، وكان فيهم محمد بن أبي بكر ، حتى دخلوا المدينة ، فحصروا عثمان الحصار الأول ، وكتبوا إليه كتاباً ، قيل : كتبه المصريون ، جاء فيه :
« أما بعد : فاعلم أن الله لا يُغيّرُ ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسِهِم ، فالله الله ، ثم الله الله . . إلى قولهم : فاعلم أنا واللهِ للهِ نغضب ، وفي اللهِ نرضىٰ ، وإنّا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تأتينا منك توبةٌ مصرّحة ، أو ضلالة مجلَّحة مبلّجة . فهذه مقالتنا لك وقضيتنا إليك ، والله عذيرنا منك . والسلام » .
ثم أرسلوا بالكتاب إليه وأحاطوا هم وغيرهم بدار عثمان . فقال المغيرة بن شعبة لعثمان : دعني آتي القوم فانظر ما يريدون ! فمضى نحوهم فلما دنا منهم صاحوا به : يا أعور ! وراءك ، يا فاجر ! وراءك ، يا فاسق ! وراءك ، فرجع .
ودعا عثمان عمرو بن العاص فقال له : إئت القوم فادعُهم إلى كتاب الله والعتبىٰ مما ساءهم .
__________________
(١) وردت هذه العبارة بطرق وتراكيب مختلفة . راجع الغدير ٩ / ٧٩ وما بعدها .