هذا ، إنك قد وترتنا جميعاً ، أما أنا ، فقتلتَ أبي صبراً يوم بدر ، وأما سعيد فقتلتَ أباه يوم بدر ، وكان أبوه من نور قريش ، وأما مروان فشتمتَ أباه وعبت على عثمان حين ضمّه إليه . . . فتبايعنا على أن تضع عنا ما أصبنا ، وتعفي لنا عما في أيدينا ، وتقتل قتلةَ صاحبنا !
فغضب عليٌّ وقال : أما ما ذكرتَ من وتري أياكم ، فالحقُّ وَتَركم . وأما وضعي عنكم ما أصبتُمْ فليس لي أن أضعَ حقَّ الله تعالى . وأما إعفائي عمّا في أيديكم ، فما كان للهِ وللمسلمين فالعدلُ يَسعُكم ، وأما قتلي قتلة عثمان ، فلو لزمني قتلهم اليوم لزمني قتالهم غداً . ولكن لكم أن أحملكم على كتاب الله وسنّة نبيه ، فمن ضاق عليه الحقُّ ، فالباطلُ عليه أضيق ، وان شئتم فالحقوا بملاحقكم .
فقال مروان : بل نبايعك ، ونقيمُ معكَ فترىٰ ونرى .
لقد كان عمّارٌ من أبرز الوجوه التي ناصرت علياً في جميع الأدوار ، فهو تلميذُ علي والابنُ الروحي البار ، والجنديُّ المخلص ، فهو ينظر إلى عليّ والخلافة نظرته إلى الرجل المناسب في المكان المناسب لا يخامره في ذلك أدنى شك ، ولم يؤثر عنه آنذاك أنه أبدىٰ مشاعر الفرحِ والسرور لاستخلاف علي شأن من يريد التزلّفَ للخليفة طمعاً في ولايةٍ أو إمرة ، لأنه تعامل منذ اليوم الأول مع الخلفاء بنظرة الجد والمسؤولية للهم الكبير الذي يشترك في تحمله المسلمون جميعاً ، وهو نشر الرسالة المباركة وإكمال الدعوة إليها ، نعم كان لا يكتم استغرابه من المتخلّفين عن بيعة علي ( ع ) ولا يألوا جهداً في حثهم على مبايعته والإِلتزام بخطه .
فقد نُمي إليه أنَّ المغيرة بن شعبة لم
يبايع علياً وأنه إعتزل الأمر ، فأقبل نحوه وقال : معاذ الله يا مغيرة تقعدُ أعمى بعد أن كنتَ بصيرا ، يغلبك من