حرب صفين . . المحنة الكبرى
إن حرب الجمل بالرغم من شراستها وما تركت من مآسٍ وآلام في نفوس المسلمين ، تبقى المحنة الأقل والأهون بالقياس لما حدث بعدها من حروب ، لا سيما حرب « صفين » التي استهدفت أكبر قوةٍ بشرية وعسكرية ومادية على الساحة الإِسلامية في ذلك الوقت ، وامعنت فيها نزفاً وتمزيقاً .
إنها في الحقيقة محنة المسلمين الكبرى التي واجهها أمير المؤمنين عليّ ( ع ) بصبر وشجاعة عظيمين ، شأنه في ذلك شأن الأوصياء الذين يجهدون في إقامة العدل على الأرض وتثبيت شريعة السماء مهما كلف الأمر ، متوخياً من وراء ذلك رضا الله سبحانه وحده ، والبعد عن الذات ودوافعها الشخصية .
إن الإِنسان المتبصر لا يتردد في القول
أن علياً ( ع ) كان بإمكانه أن يعيش عيش الأمراء ـ على الأقل ـ منذ وفاة الرسول ( ص ) حتى استشهاده ، فلا أحد من المسلمين يستطيع إنكار فضله وسمو مكانه ، وما قدم في ميادين الجهاد ، والذين خلفوا الرسول حتى عهد عثمان لا يترددون في هذه المقولة لو شاء أو أراد ، ولم يؤثر عنده ( ع ) البتة أنه طالب يوماً من الأيام بشيءٍ من حطام هذه الدنيا الزائلة ، اللهم إلا ما كان من أمر « فدك » التي طالب بها