عودة علي إلى الكوفة (١)
بعد انتهاء وقعة الجمل قدم علي ( ع ) الكوفة في شهر رجب سنة ٣٦ هـ ، فدخلها ومعه أشراف الناس من أهل البصرة وغيرهم ، فاستقبله أهل الكوفة وفيهم قراؤهم وأشرافهم ، فدعوا له بالبركة وقالوا : يا أمير المؤمنين ، أين تنزل ؟ أتنزل القصر ؟ قال : لا ، ولكني أنزل الرْحَبة ، فنزلها وأقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى فيه ركعتين ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ، ثم قال :
أما بعد يا أهل الكوفة ، فإنّ لكم في الإِسلام فضلاً ما لم تبدّلوا وتغيّروا ، دعوتُكم إلى الحق فأجبتم ، وبدأتم بالمنكر فغيرتم ، إلا أن فضلكم فيما بينكم وبين الله ، فأما في الأحكام والقسم فأنتم أسوة غيركم ممن أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه .
ألا إن أخوفَ ما أخافُ عليكم اتّبَاعَ الهوىٰ وطولَ الأمل ، أما اتّباعُ
__________________
(١) اعتمدت في نقل حوادث واقعة صفين على كتاب صفين لنصر بن مزاحم بالإضافة إلى شرح النهج لابن أبي الحديد ، ومروج الذهب للمسعودي ، وكذلك تاريخ الطبري وغيرها ، ولا أرى نفسي ملزماً بذكر الجزء والصفحة من هذه الكتب وغيرها ، لأنه يشبه بعضها بعضاً في النص وقد تقصدت التغيير في صورة النص مع حفظ المضمون طبعاً وحذف الأسانيد اللهم إلا ما تفردّت به بعض هذه الكتب دون غيرها من النصوص .