فاعدُ بالحد والحديد إليهم |
|
ليس والله غير ذاك دواء |
وخطب علي ( ع ) الناس في يوم الجمعة ، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله :
أوصيكم بتقوى الله فان تقوى الله خيرَ ما تواصىٰ به عبادُ الله وأقربَه إلى رضوان الله وخيرَه في عواقب الأمور عند الله ، وبتقوى الله أمرتم ، وللإِحسان والطاعة خلقتم ، فاحذروا من الله ما حذّركم من نفسه فانه حذّر بأساً شديداً ، واخشوا خشيةً ليست بتعذير ، واعملوا في غير رياءٍ ولا سُمْعة ، فانه من عمل لغير الله وكَلَهُ الله إلى ما عمل له ومن عمل لله مخلِصاً تولَّى الله أجره ، اشفقوا من عذاب الله فانه لم يخلقكم عبثاً ولم يترك شيئاً من أمركم سدى ، قد سمى أثاركم وعلم أعمالكم وكتب أجالكم ، فلا تغتروا بالدنيا فانها غرّارةٌ لأهلها ، مغرورٌ من اغتر بها ، وإلى فناءٍ ما هي ، وان الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون ، اسأل الله منازل الشهداء ومرافقة الأنبياء ، ومعيشة السعداء فإنما نحن به وله .
ثم استعمل علي ( ع ) العمّال وفرقهم في البلاد واستعد لمواجهة معاوية وأهل الشام (١) .
أقبل جرير بن عبد الله البجلي إلى علي ( ع ) فقال له : ابعثني يا أمير المؤمنين إليه ـ يعني معاوية ـ فانه لم يزل لي مستخصاً ووُدّاً ، آتيه فأدعوه على أن يسلم لك هذا الأمر ويجتمع معك على الحق على أن يكون أميراً من أمرائك وعاملاً من عمّالك ما عمل بطاعة الله واتبع ما في كتاب الله ، وأدعو أهل الشام إلى طاعتك وولايتك ، فجلّهم قومي وأهل بلادي ، وقد رجوت ألّا يعصوني .
فبعثه علي ( ع ) وقال له : إن حولي من أصحاب رسول الله ( ص ) من
__________________
(١) صفين ص ٣ ـ ١٠ وشرح النهج ٣ / ١٠٢ ـ ١٠٨ .