ومتى كنتم يا معاوية ساسةً للرعية ، أو وُلاةً لأمر هذه الأمة بغير قدَمٍ حسن ، ولا شرفٍ سابقٍ على قومكم ، فشمّر لما قد نزل بك ، ولا تُمكّن الشيطان من بُغيته فيك ، مع أني أعرف أن الله ورسوله صادقان ، فنعوذ بالله من لزوم سابق الشقاء ، وإلا تفعل أعلمك ما أغفلك من نفسك ، فإنك مُترفٌ قد أخذ منك الشيطان مأخذه ، فجرى منك مجرى الدم في العروق ، وإعلم أن هذا الأمر لو كان إلى الناس أو بأيديهم لحسدونا وأمتنّوا به علينا ، ولكنه قضاءٌ ممن امتن به علينا على لسان نبيه الصادق المصدّق ، لا أفلح من شك بعد العرفان والبيّنة .
اللهم أحكم بيننا وبين عدونا بالحق وأنت خير الحاكمين » .
وكتب ( ع ) إلى عمرو بن العاص كتاباً يعظه فيه ويحذره أمر الدنيا ، ويقول فيه أخيراً « والسعيد من وعظ بغيره ، فلا تحبط أجرك أبا عبد الله ، ولا تجارين معاوية في باطله فإن معاوية غمص الناس ، وسفه الحق ، والسلام » .
وأرسل إلى قادة العرب وزعماءهم في الأمصار يستنهضهم للقتال ، فأجابه منهم خلق كثير ، وقد اقتصرنا على هذا القدر تحاشياً عن الإِطالة .
ولمحمد بن أبي بكر رضي الله عنه قدم سبق في الإِسلام ولدى أمير المؤمنين علي مكانة خاصة ، وتشهد له على ذلك مواقفه في حرب الجمل كما قدمنا ، ومواقفه قبل وبعد صفين ، وقد كتب إلى معاوية كتاباً بمثابة إقرار واعتراف من الصادق الصدوق بفضل الإِمام علي ( ع ) على بقية أصحاب الرسول ( ص ) ، كما أن فيه تبكيت وتأنيب لمعاوية على موقفه من الإِمام علي وبغيه وطلبه ما ليس له ، ونحن نذكره كما جاء في رواية نصر :
بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد بن
أبي بكر إلى الغاوي بن صخر ، سلام على أهل طاعة الله من هو مسلمٌ لأهل ولاية الله ، أما بعد :