ألفاً ، بينما يذهب البعض إلى أن كلاً من الجيشين قارب المائة والخمسين ألفاً .
هذا وقد بقيت الحرب فاترةً بين الطرفين مدة ثلاثة أشهر تقريباً ، أي من أواخر شهر شوال حتى انقضاء المحرم سنة ٣٧ للهجرة .
وكان علي ( ع ) في تلك الفترة قد أمهل معاوية ، وأقام الحجة عليه ودعاه إلى الكف عن بغيه ، كما أن القُرّاءَ من الطرفين كانوا يحجزون بينهما ويحولون دون وقوع الحرب ويدعون إلى وحدة الكلمة دون جدوى ، ويظهر أن تلك المحاجزة استفاد منها معاوية في تقوية موقفه .
ولما كان آخر يوم من المحرّم قبل غروب الشمس ، بعث علي إلى أهل الشام : إني قد احتججت عليكم بكتاب الله ، ودعوتكم إليه ، وإني قد نبذت إليكم على سواء ، إن الله لا يهدي كيد الخائنين .
فلم يردُّوا عليه جواباً إلا قولهم : « السيف بيننا وبينك ، أو يهلك الأعجز منا » (١) .
وخطب علي ( ع ) في ذلك اليوم خطبةً جاء فيها : نحن أهلُ بيت الرحمة ، وقولنا الصدق ، وفعلنا القصد ، ومِنّا خاتَمُ النبيين ، وفينا قادة الإِسلام ، وفينا حَمَلةُ الكتاب آلا إنا ندعوكم إلى الله وإلى رسوله وإلى جهاد عدوه ، والشدّة في أمره ، وابتغاء مرضاته ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت . . إلى أن قال : ألا وأن أعجب العجائب أنّ معاوية بن أبي سفيان الأموي ، وعمرو بن العاص السهمي أصبحا يحرّضان الناس على طلب الدين بزعمهما ، ولقد علمتم أني لم أخالف رسول الله ( ص ) قط ، ولم أعصِه في أمر ، أقيه بنفسي في المواطن التي ينكِصُ فيها الأبطال وترعُدُ فيها الفرائص ، بنجدةٍ أكرمني الله بها وله الحمد ، ولقد قُبِض رسول الله ( ص )
__________________
(١) مروج الذهب ٢ / ٣٧٧ .