في يده إلى أهل الشام ، فقال : من يذهب إليهم فيدعوهم إلى ما في هذا المصحف ؟ فسكت الناس ، وأقبل فتىً إسمه سعيد فقال : أنا صاحبه : فأعاد عليّ القول ثانيةً فسكت الناس ؛ وتقدم الفتى فقال : أنا صاحبه . فسلّمه إليه فقبضه بيده ، ثم أتاهم فناشدهم الله ودعاهم إلى ما فيه ، فقتلوه !
فقال علي ( ع ) لعبد الله بن بديل : إحمل عليهم الآن ؟ فحمل عليهم بمن معه من أهل الميمنة وعليه يومئذٍ سيفان ودرعان ، فجعل يضرب بسيفه قدماً ويقول :
لم يبق غيرُ الصبرِ والتوكلْ |
|
والترسِ والرمحِ وسيفٍ مصْقَلْ |
ثم التمشي في الرعيل الأولْ |
|
مشي الجمال في حياض المَنهلْ |
فلم يزل يحمل حتى انتهى إلى معاوية ومن معه ممن بايعه على الموت ، فأمرهم أن يصمدوا لعبد الله بن بديل ، وبعث إلى حبيب بن سلمة الفهري وهو في الميسرة أن يحمل عليه بجميع من معه ، واختلط الناس ، واصطدم الفيلقان ، ميمنةُ العراق وميسرةُ أهل الشام ، وأقبل عبد الله يضرب الناس بسيفه قِدْماً حتى أزال معاوية عن موقفه جعل ينادي : يا لثارات عثمان ـ وهو يعني أخاً له قد قُتِل ـ وظن معاوية وأصحابه أنه يعني عثمان بن عفان ، وتراجع معاوية عن مكانه القهقري ، وأشفق على نفسه ، وأرسل إلى حبيب بن مسلمة مرة ثانية وثالثة يستنجده ويستصرخه ، ويحمل حبيب حملةً شديدة بميسرة معاوية على ميمنة العراق فيكشفها حتى لم يبق مع ابن بُدَيل إلا نحو مائة إنسان من القُرّاء ، فاستند بعضهم إلى بعض يحمون أنفسهم ، ولجَجَ ابن بُدَيل في الناس وصمم على قتل معاوية ، وجعل يطلب موقفه ويصمد نحوه حتى انتهى اليه ومع معاوية عبد الله بن عامر واقف ، فنادى معاوية في الناس : ويلكم ، الصخر والحجارة إذا عجزتم عن السلاح ! فرضخه الناس بالصخر والحجارة حتى أثخنوه ، فسقط فأقبلوا عليه بسيوفهم فقلتوه .