أن صاحب الحق لو وليهم لحال بينهم وبين ما يأكلون ويرعون منها .
إن القوم لم يكن لهم سابقة في الإسلام يستحقون بها الطاعة والولاية ، فخدعوا أتباعهم بأن قالوا : قتل إمامنا مظلوماً ، ليكونوا بذلك جبابرة وملوكاً ، تلك مكيدة قد بلغوا بها ما ترون . ولولاها ما بايعهم من الناس رجل . اللهم إن تنصرنا فطالما نصرت ، وإن تجعل لهم الأمر ، فادخر لهم بما أحدثوا لعبادك العذاب الأليم .
ثم مضى ، ومضى معه أصحابه ، فدنا من عمرو بن العاص فقال : يا عمرو ، بعت دينك بمصر ، فتباً لك وطالما بغيت للإسلام عوجاً .
ثم حمل عمار وهو يقول :
صدق الله وهو للصدق أهلٌ |
|
وتعالى ربي وكان جليلاً |
ربّ عجل شهادةً لي بقتل |
|
في الذي قد أحب قتلاً جميلاً |
مقبلاً غير مدبرٍ إن للقتل |
|
على كل ميتةٍ تفضيلاً |
أنهم عند ربهم في جنانٍ |
|
يشربون الرحيق والسلسبيلا |
من شراب الأبرار خالطه المسـ |
|
ـك وكأساً مزاجها زنجبيلاً (١) |
ثم قال : اللهم أنت تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر ، لفعلت ! اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك أن أضع ضبة سيفي في بطني ثم أنحني عليه حتى يخرج من ظهري ، لفعلت ، اللهم إني أعلم مما علمتني إني لا أعمل عملاً صالحاً هذا اليوم هو أرضىٰ من جهاد الفاسقين ، ولو أعلم عملاً هو أرضى لك منه لفعلته .
ونادى عمار بن ياسر عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال له : بعت دينك بالدنيا من عدو الله وعدو الإِسلام معاوية ؟ وطلبت هوى أبيك الفاسق !؟
__________________
(١) صفين ٣٢٠ .