آخر لحظات حياته كما تدل في نفس الوقت على عمق الهدف الذي استشهد من أجله . . فكان الرجل منهم يخلط ، فيعرف عمرو أنه ليس هو القاتل . حتى أقبل ابن حوّى فقال : أنا قتلته ! فقال عمرو : فما كان آخر منطقه ؟!
قال : سمعته يقول : اليوم ألقى الأحبة ، محمداً وحزبه . .
فقال عمرو : صدقت ، أنت صاحبه ، أما والله ما ظفِرَتْ يداك ، ولقد أسْخطْتَ ربك !
قال السدي : إن رجلين بصفين اختصما في سلب عمّار وفي قتله ، فأتيا عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال : ويحكما أخرجا عني ، فان رسول الله ( ص ) قال : « ما لقريشٍ ولعمّار ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ، وقاتلهُ وسالبُهُ في النار » .
فلما سمع معاوية ذلك قال : إنما قتله من أخرجه ، يخدعُ بذلك طُغَام أهل الشام .
كان ذو الكلاع الحميري يسمع عمرو بن العاص يقول : إن النبي ( ص ) يقول لعمّار تقتلك الفئة الباغية ، وآخر شربك ضياح من لبن . يسمع ذلك من عمرو قبل أن يُصابَ عمّار فقال ذو الكلاع لعمرو : ويحك ، ما هذا ! قال عمرو : انه سيرجع إلينا ويفارق أبا تراب .
وقد كان عبد الله بن سُويد الحميري قال لذي الكلاع : ما حديثٌ سمعتَه من ابن العاص في عمّار ؟ فأخبره فلما قتل عمار ، خرج عبد الله ليلاً يمشي فأصبح في عسكر علي ( ع ) ـ وكان عبد الله من عُبّاد أهل زمانه ـ .
وكاد أهل الشام أن يضطربوا حين قُتل عمار ، لولا أن معاوية قال لهم : إن علياً قتل عماراً لأنه أخرجه إلى الفتنة .