العرب ، أو الإِستسلام للأمر الواقع والسكوت على ما يحصل ، ولا شك أنهم سيختارون الثاني .
واستعد القوم لتنفيذ الخطة ، وأحاطوا بالدار ، وأعلم الله نبيه بذلك فأمر علياً أن ينام في فراشه ويتشح ببرده الأخضر وأمره أن يؤدي ما عنده من وديعة وأمانة وغير ذلك ، ثم خرج ( ص ) من أمامهم وهم لا يرونه وهو يتلو قوله تعالى : ( وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ) (١) .
واندفع الفتية نحو البيت سالّين سيوفهم وإقتحموا المكان الذي ينام فيه النبي ( ص ) إلا أنهم فوجئوا بعليٍّ يتمدد على الفراش وقد اشتمل ببرد النبي . . وأسقط ما في أيديهم وتراجعوا ببرودٍ وتخاذل ، وأنزل الله سبحانه في تلك المناسبة ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (٢) .
تابع النبي ( ص ) سيره ، وتابعت قريش كيدها فجعلت لمن يأتي به مائة ناقة . وكان معه أبو بكر ، فاستأجرا عبد الله بن أرقد من بني الديل يدلهما على الطريق فتبعهم سراقة بن مالك بن جشعم المدلجي فلحقهم وهم في أرضٍ صلبة ، فقال أبو بكر : يا رسول الله أدركنا الطلب ! فقال : لا تحزن إن الله معنا ، ودعا عليه رسول الله ( ص ) فارتطمت فرسه إلى بطنها وثار من تحتها مثل الدخان ، فقال : ادعُ لي يا محمد ليخلصني الله ولك علي أن أرد عنك الطلب ! فدعا له ، فتخلص . فعاد يتبعهم ، فدعا عليه الثانية ، فساخت قوائم فرسه في الأرض أشد من الأولى ، فقال : يا محمد قد علمت أن هذا من دعائك علي ، فادعُ لي ولك عهد الله أن أرد عنك الطلب .
فدعا له فخلص ، وقرب من النبي ( ص ) وقال له : يا رسول الله ، خذ
__________________
(١) يس : ٩ .
(٢) الأنفال : ٣٠ .