شجاعته وسخاؤه
أُثر عن أمير المؤمنين علي ( ع ) أنه قال : السخي شجاع القلب (١) . وينسب إلى بعض العظماء قوله : جنونان لا أخلاني الله منهما ، الشجاعة والكرم ! ولعل وصفه لهما بهذه الصفة يرجع إلى خروج كل منهما بصاحبه عن حدود المألوف لدى الطبع الإِنساني العام .
وهاتان الخصلتان لا تقبلان التكلف ولا المحاكاة وقد اتصف بهما معظم قادة البشر وعظمائهم وامتاز بهما الأنبياء وأوصياؤهم . . فنبي الله إبراهيم ( ع ) حين وافته الملائكة ـ بصورة الآدميين ـ لتبشره بإسحاق ، عمد إلى عجلٍ فذبحه وشواه على الصخر وقدمه إليهم ليأكلوه . . وحين غضب عليه نمرود وألقاه في النار لم يخف ولم يرتعد وواجه الأمر بشجاعة (٢) ، وهكذا ما وصلنا من سير الأنبياء من بعده لم يؤثر عنهم أنهم جبنوا ولا بخلوا . . والرسول ( ص ) ضرب أكبر مثل في الشجاعة والكرم ، ويكفي في شجاعته قول علي ( ع ) « كنا إذا حمي الوطيس لذنا برسول الله !! » ويكفي في كرمه أنه أنفق كل ما تحت يده في سبيل نشر الدين ، وفي غزوه هوازن أعطى
__________________
(١) شرح النهج ٢٠ / ٢٩٠ .
(٢) راجع قصص الأنبياء .