كتاب الضمان
الضمان الذي هو عندنا على ما اعترف به غير واحد منا مشتق من الضمن لأنه ينقل ما كان في ذمته من المال ، ويجعله في ضمن ذمة أخرى ، أو لأن ذمة الضامن تتضمن الحق ، فالنون فيه أصلية.
خلافا لما عن أكثر العامة من أنه غير ناقل ، وإنما يفيد اشتراك الذمتين ، فاشتقاقه من الضم ، والنون فيه زائدة ، لأنه حينئذ ضم ذمة إلى ذمة ، فيتخير المضمون له في المطالبة.
وفيه ما لا يخفى من منافاة وجود النون في جميع تصاريفه ، الا بدعوى اشتقاق ما فيه النون من الخالي عنها ، وهو كما ترى.
ومن صعوبة تحققه في نحو ضمان النفس ، وظهور قوله عليهالسلام (١) « الزعيم غارم » في اختصاص الغرم به ، ولغير ذلك مما هو في مذهب الخصم ، بعد الغض عن عدم تصور شغل ذمتين فصاعدا بمال واحد ، وقد بينا أن المشغول به في تعاقب الأيدي على المغصوب ذمة واحدة ، وهو من تلف في يده المال مثلا ، وإن جاز له الرجوع على كل واحد ، وإلا فهو مناف للمقطوع به من مذهبنا.
وأما الثمرات على القولين فهي واضحة : منها صحة الدور فيه على مذهبنا ـ كأن يضمن الأصيل ضامنه أو ضامن ضامنه ، دون مذهبهم ـ والتسلسل كأن يضمن أجنبي الضامن وهكذا لتحقق الشرائط عندنا ، فيرجع حينئذ كل ضامن مع الإذن بما أداه على الذي ضمن عنه ، لا على الأصيل ، وفي الأول يسقط الضمان ، ويرجع الحق كما كان.
نعم يترتب عليه أحكامه كظهور إعسار الأصيل الذي صار ضامنا الموجب لخيار المضمون له في فسخه ، والرجوع إلى المضمون عنه الذي صار ضامنا ، ولا خلاف في شيء من ذلك بيننا ، إلا ما يحكى عن المبسوط من منع الأول لاستلزامه صيرورة الفرع
__________________
(١) المستدرك ج ـ ٢ ـ ص ٤٨٩.