ولكن إذا لم يثبت ، وقد أثبتناه ، ثم قال ما حاصله : أنه وإن كان الظاهر من معنيي المشترك في المقام المعنى المتعارف ، إلا أنه يرجع الأمر إلى تعارض الأصل ـ الذي هو بقاء حق المحيل والمحتال ـ والظاهر ، فإن قدمنا الأول كما هو الراجح في استعمالهم ، فالقول قول المحيل ، كما اختاره المصنف وجماعة ، وإن قدمنا الظاهر ، فالقول قول المحتال إلى غير ذلك مما أطنب فيه.
وهو كما ترى ، بل ما كنا لنؤثر وقوع ذلك منه ، ضرورة أنه لم يذكر دليلا صالحا للاشتراك ، فإن وقوع الوكالة بكل لفظ يدل على الإذن حقيقة ومنه الحوالة لا يقتضي ذلك ، كما أن دلالتها على الإذن للمحتال بطريق الحوالة كذلك أيضا ، للقطع بكونها اسما للعقد المخصوص ، ومن هنا لا يحتاج إنشاؤه بها إلى قرينة تدل على ذلك.
وأغرب من ذلك إنكار كون التبادر علامة للحقيقة ، محتجا عليه بما عرفت ، مع أن من المعلوم ارادة التبادر من حيث إطلاق اللفظ ، لا مع القرائن ، ولا ريب في أن المشترك مع عدم القرينة يتبادر جميع معانيه ، وهو علامة كونه حقيقة فيها ، وتبادر بعضها خاصة بالقرينة لا ينافي ذلك.
وأغرب منه جميع ما ذكره من الحقيقة الشرعية واللغوية والعرفية ، وأغرب منه قوله تعارض الأصل ، والظاهر ، مع أن المقام ظاهر لفظ لا يعارضه الأصل ، وبالجملة هو رحمهالله وإن أطنب في ذلك لكن بما لا ينبغي صدوره منه ، والتحقيق ما عرفت هذا كله مع القبض.
أما لو لم يقبض واختلفا فقال : وكلتك فقال : بل أحلتني ففي المتن أن القول قول المحيل قطعا كما في القواعد لكن لا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرنا ، ضرورة أن عقد الحوالة من العقود اللازمة المقتضية تملك المحتال المال المحال به ، وانعزال المحيل عنه على وجه لو أراد إبداله لم يكن له ، لصيرورته ملك المحتال على وجه اللزوم ، وحينئذ فلا يتفاوت الحال بين القبض وعدمه ، لانه استيفاء يترتب عليه الملك وإن لم يحصل القبض ، إلا أنه لا ينكر ظهور قطع المصنف هنا ، وتردده