وفيه منع تحقق القرض مع فرض صدور ذلك بعنوان المضاربة إذ أقصاه كونها من القسم الفاسد ، لا انها من القرض المحتاج إلى إنشاء تمليك المال بعوض في الذمة وقصد كون الربح للعامل أعم من ذلك ، وإن كان هو من اللوازم الشرعية لملك المال ودعوى الاكتفاء بقصد ذلك في تحققه لفحوى الصحيح (١) « عن أبي جعفر عليهالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام من ضمن تاجرا فليس له إلا رأس ماله وليس له من الربح شيء » والموثق (٢) عن أبي جعفر عليهالسلام « من ضمن مضاربة فليس له إلا رأس المال ، وليس له من الربح شيء » إذ كما أن التضمين من لوازم القرض ، فكذا الاختصاص بالربح ـ يدفعها أن المتجه ـ بعد تسليم مضمونهما ، وعدم رجحان معارضهما عليهما ـ الاقتصار على ذلك فيما خالف الضوابط الشرعية ، ولو فرض عدم إرادة الفاضل ، والشهيد ذلك بل مرادهما أن الدفع المجرد عن عنوان خاص يقتضي الحكم عليه بذلك ، كان فيه أيضا منع تحقق القرض شرعا وعرفا بذلك ، لما عرفت ، وأصالة الصحة لا تصلح قرينة على صرف الظاهر ، مع أنه لا يتم في المعلوم خلوه عن هذا القصد نعم يمكن إرادتهما بيان حال كل من القراض ، والقرض ، والبضاعة في حد ذاته ، الا أن المراد تحققه على الوجه المزبور ، وحينئذ يخرج عما نحن فيه.
ثم إن ظاهر العبارة المزبورة الفرق بين فردي البضاعة ، باستحقاق الأجر في الثاني دون الأول الذي نسب عدم الأجر فيه إلى ظاهر الأصحاب في الرياض ، بل قال : « هو حسن ، إن لم يكن هناك قرينة من عرف أو عادة بلزومه ، وإلا فالمتجه لزومه ».
قلت : لا يخفى عليك عدم وضوح الفرق بينهما ، إذ التصريح في الأول منهما بكون الربح بأجمعه للمالك ، أعم من التبرع بالعمل ، وعدم إرادة الأجر عليه ، فالتحقيق حينئذ عدم الفرق بينهما ، وأن العامل يستحق الأجر فيهما ، وقيام احتمال التبرع ـ ما لم يعلم منه ارادة التبرع ـ لا يدفع أصالة احترام عمل المسلم المأذون فيه من المالك ، فضلا عن الواقع بأمره واعترافه ، من غير فرق في ذلك بين الوقوع بصورة
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب أحكام المضاربة الحديث ـ ١ ـ وذيله.
(٢) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب أحكام المضاربة الحديث ـ ١ ـ وذيله.