ولو تولى الأخير الذي جرت العادة بالاستيجار له بنفسه قاصدا للتبرع لم يستحق أجرة أما مع قصد الرجوع فقد يقوى استحقاقها ، بناء على تناول الوكالة لمثل نفسه ، بل قد يقوى استحقاقه إياها مع الخلو عن القصد ، لقاعدة احترام عمل المسلم المتقدمة والله العالم.
ولا ينفق العامل في الحضر عندنا شيئا من مال القراض وإن قل ، حتى فلس السقاء ، لأصالة حرمة التصرف في مال الغير.
نعم له أن ينفق في حال السفر كمال نفقته من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ، ونحو ذلك مما هو داخل في النفقة من أصل المال على الأظهر الأشهر بل المشهور في التذكرة نسبته إلى علمائنا ، بل في محكي الخلاف الإجماع عليه ، وهو الحجة بعد صحيح على بن جعفر (١) « عن أخيه أبي الحسن عليهالسلام في المضارب ما أنفق في سفره ، فهو من جميع المال ، فإذا قدم بلده ، فما أنفق فمن نصيبه » ونحوه خبر السكوني (٢) عن أمير المؤمنين عليهالسلام خلافا للمحكي عن بعض ، من كون جميع نفقته على نفسه ، كالحضر ، للأصل المقطوع بما عرفت ، فالعمل عليه حينئذ كالاجتهاد في مقابلة النص.
نعم عن آخر أن له تفاوت ما بين نفقة السفر والحضر ، وهو مخالف لظاهر النص أيضا ، المعتضد بما سمعت ، والمراد بالسفر هنا العرفي ، لا الشرعي الذي هو في الحقيقة أحد أفراد السفر ، قد علق الشارع عليه بعض الأحكام الخاصة ، كقصر الصلاة والإفطار ونحوهما ، كما أنه أجرى أحكام الحضر عليه مع الإقامة والتردد ثلاثين يوما ، وإن بقي معهما صدق اسم السفر الذي يجرى عليه الحكم هنا ، لكونه عنوانه يدور معه وجودا وعدما.
نعم في المسالك وغيرها يجب الاقتصار منه على ما يحتاج إليه للتجارة ، فلو أقام زيادة عنه فنفقته عليه خاصة ، قلت : هو كذلك ما لم يكن لخوف طريق مثلا ، أو حبس ظالم أو نحو ذلك مما يتعلق بالتجارة ، ولذا قال في التذكرة : « لو أقام في
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب أحكام المضاربة الحديث ـ ١ ـ وذيله.
(٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب أحكام المضاربة الحديث ـ ١ ـ وذيله.