بالنسبة إلى المال ، إلا أن قاعدتهم في مثل هذه الألفاظ الراجعة إلى العرف عدم التحديد التام ، اتكالا عليه ، بل ربما لا ينافي في بعض المقامات تحديده على الوجه التام ، ومن هنا قد عرفت تفسيره بما سمعت ، وفي القواعد وعن غيرها أنه كيفية نفسانية تمنع من إفساد المال ، وصرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء ، وكثير منهم ممن فسره بالإصلاح قد أخذ الملكة فيه في مقام آخر ، وجميع ذلك عند التأمل فضول لوفاء العرف في مصداقه ، فليس من وظائف الفقيه البحث فيه ، فضلا عن الاطناب.
نعم جرت عادتهم بذكر تفسير له على جهة الإجمال ، ولذا تختلف في القيود ، ومن هنا يعرف ما في المسالك في شرح عبارة المتن معترضا بها عليه ، بل وعلى غيره قال : « ليس مطلق الإصلاح موجبا للرشد ، بل الحق أن الرشد ملكة نفسانية تقتضي إصلاح المال ، وتمنع من إفساده ، وصرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء.
واحترزنا بالملكة عن مطلق الكيفية ، فإنها ليست كافية ، بل لا بد من أن تصير ملكة يعسر زوالها ، وباقتضائها إصلاح المال عما لو كان غير مفسد له ، ولكن لا رغبة له في إصلاحه على الوجه المعتبر عند العقلاء ، فإن ذلك غير كاف في تحقق الرشد ، ومن ثم يختبر بالاعمال اللائقة بحاله ، كما سيأتي ، ويمنعه من إفساده عما لو كان له ملكة الإصلاح والعمل ، وجمع المال ، ولكن ينفقه بعد ذلك في غير الوجه اللائق بحاله ، فإنه لا يكون رشيدا ».
وفيه أولا : أنه من المعلوم إرادة الصفة اللازمة ضرورة عدم صدق الرشيد عرفا على من حصل منه ذلك على وجه الاتفاق ، ومرجع الملكة إلى ذلك فهي مرادة للجميع بهذا المعنى قطعا ، والمراد بإصلاح المال حفظه والاعتناء بحاله ، وعدم تبذيره والمبالاة ونحو ذلك مما ينافيه العرف بالاعمال التي لا تليق بحاله.
أما تنميته والتكسب به فقد يمنع اعتباره في الرشد عرفا ، من غير فرق بين أولاد الرؤساء وغيرهم ، وستعرف عدم وجوب الاختبار بالاعمال اللائقة بحاله ، وانما هو طريق من طرق معرفة الرشد ، كالغزل والاستغزال ، والنسج والاستنتاج في الأنثى والجمع بينهما في الخنثى ، ضرورة عدم توقف تحقق الرشد عرفا على ذلك ، بل قد