( الفصل الثاني في أحكام الحجر ).
وفيه مسائل : الأولى قد تقدم سابقا انه لا خلاف معتد به في أنه لا يثبت حجر المفلس إلا بحكم الحاكم وإنما الخلاف في توقف دفعه على حكم الحاكم على ما عرفت.
وهل يثبت الحجر في السفيه بظهور سفهه فيه تردد وخلاف والوجه عند المصنف أنه لا يثبت ، وكذا لا يزول إلا بحكمه وفاقا للفاضل ومحكي المبسوط وشرح الإرشاد للفخر وظاهر الغنية ، قيل : وكأنه مال إليه في غاية المراد ، بل عن تعليق الإرشاد للكركي المشهور توقف الحجر على حكم الحاكم ، فيقوى حينئذ توقف إزالته عليه ، وإن كان هو كما ترى ، للأصل بمعانيه الثلاثة في توقف الثبوت عليه ، وبمعنى الاستصحاب في الزوال مؤيدة بأن موضوع السفه اجتهادي لوقوع الاختلاف في بعض ما يعد فعله سفها ، وبالعسر والحرج ، إذ أكثر الناس سفهاء سيما مع اعتبار العدالة وإصلاح المال والاكتساب وتحصيل المعدوم في الرشد.
لكن فيه أن الأصل يقطعه ظاهر قوله تعالى (١) ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) بناء على أن المراد عدم تمكين السفهاء من أموالهم كما عن أكثر المفسرين بقرينة ( وَارْزُقُوهُمْ ) إلى آخره للإجماع على عدم وجوب الإنفاق على السفيه من غير ماله ، والحمل على من وجبت نفقته منهم ولا مال له كما ترى.
بل يشعر بذلك أيضا قوله ( وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) بناء على أن المراد الكلام الجميل والوعد بما لهم إذا رشدوا ، وتعليم حفظ المال وصيانته ونحو ذلك ، بل وما بعد الآية ، بل قيل : وما قبلها.
ولا ينافي ذلك الإضافة إلى ضمير المخاطب ، باعتبار رجوعها إلى الأولياء
__________________
(١) سورة النساء الآية ـ ٥ ـ.