الاشهاد فيتنقح حينئذ كونه مفرطا ضامنا ، وهو كما ترى لا ينبغي صدوره ممن له أدنى مسكة ، ضرورة توقف إثبات هذه الأصول ذلك على وسائط تقتضي الأصول عدمها ، على أن التفريط من الأمور الوجودية التي لا يمكن إثباته بالأصول ، وإن تقوم بعض أفراده بالعدم ، ولكنه ليس هو إلا تعريض المال للتلف ، ولو بعدم فعل ما يقتضي حفظه كما هو واضح.
فالتحقيق حينئذ الحكم بالضمان مع العلم بترك الاشهاد في الوديعة التي هي عنده حال الموت الذي هو التعريض لتلفها ، وبعدمه مع قيام احتمال التلف بغير تفريط ولو بعد الإقرار بها عند قيام أمارة الموت ، بناء على أن الضمان إنما يكون بترك الإشهاد إلى حال الموت ، ويمكن أن يكون عدمه لحصول التلف بغير تفريط ، لأن الأصل البراءة.
وبذلك بان لك الوجه في قول المصنف ف لو لم يشهد وأنكر الورثة ، كان القول قولهم ، ولا يمين عليهم إلا أن يدعى عليهم العلم كما هو الضابط في الحلف على نفى فعل الغير ، سواء كان المراد إنكار أصل الوديعة ، أو التفريط بترك الاشهاد ، لاحتمال تلفها بغير تفريط ، كما اعترف به في المسالك هنا ، قال : « لو أقر الورثة بالوديعة ولكن لم توجد في التركة ، وادعى المستودع أنه قصر في الاشهاد ، وقال الورثة : لعلها تلفت قبل أن ينسب إلى التقصير ، فالقول قولهم ، عملا بظاهر براءة الذمة » ، وقال أيضا : « يمكن أن يكون المراد إنكار الورثة وجودها في التركة حيث لم يشهد عليها ، ولعلها تلفت قبل حصول ما يوجب الاشهاد » فادعى المالك بقاءها وتقصيره في الاشهاد ، والحكم في المسألتين واحد.
وهو صريح فيما ذكرنا ، من أن عدم الاشهاد مع العلم بوجود أصل الوديعة لا يقتضي الضمان ، لاحتمال كونه للتلف بغير تفريط.
وكيف كان فـ ( تجب إعادة الوديعة على المودع ) أو وليه أو وكيله مع المطالبة في أول أوقات الإمكان ، بلا خلاف ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى ما دل من الكتاب والسنة على الأمر بأداء الأمانة إلى أهلها ، وإلى عدم