مستطرفات السرائر « سألته عن رجل كانت عنده وديعة لرجل فاحتاج إليها هل يصلح له أن يأخذ منها ، وهو مجمع أن يردها بغير إذن صاحبها؟ قال : إذا كان عنده وفاء فلا بأس أن يأخذه ويرده ».
إلا أنه لم أجد عاملا بشيء منهما ، لمنافاتهما أصول المذهب ، ضرورة عدم اقتضاء عقد الوديعة الوكالة في القرض والاستيفاء ، فلا محيص عن طرحهما أو حملهما على الفحوى أو نحو ذلك والله العالم.
الأمر ( الثالث :
في اللواحق : وفيه مسائل ).
الأولى : يجوز السفر بالوديعة ، إذا خاف تلفها مع الإقامة وقد تعذر الرد إلى المالك أو وكيله أو الحاكم أو الإيداع إلى الأمين ، أو لا يرتفع الخوف عليها به ، بل قيل : إنه يجب عليه السفر بها حينئذ ، وقد عرفت البحث فيه سابقا.
ثم إنه على كل حال لا يضمن لعدم كونه متعديا ومفرطا في هذا الحال ولكن لا يجوز السفر بها حينئذ مع ظهور أمارة الخوف ضرورة عدم كونه حفظا لها ، إذ السفر في نفسه مخاطرة ، كما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) « المسافر وماله على تلف إلا أن يشاء الله ».
وحينئذ فـ ( لو سافر والحال هذه ضمن ) للتعدي والتفريط ، نعم لو فرض كونه في هذا الحال أحرز لها من البقاء ، ارتفع الضمان حينئذ.
المسألة الثانية : لا يبرء المودع إلا بردها إلى المالك أو وكيله العام أو الخاص فان فقدهما فالى الحاكم الذي هو ولي الغائب في حفظ ماله لكن مع العذر للوديع كالعجز عن حفظها ، أو عرض له خوف يفتقر معه إلى السير المنافي لرعايتها ، أو خاف عليها من السرق أو الحرق أو النهب أو نحو ذلك من
__________________
(١) راجع كشف الخفاء للعجلونى الرقم ٢٠١٤.