وتأمل إذ يمكن إرادة مدعى اللزوم فيها أو في بعضها عدم السلطنة على استرداد العين وتفريغها مما فيه ، لوجود المانع منه ، لا إرادة لزوم نفس العقد ، وبهذا الاعتبار استثناه ، بل لعل ذلك مقطوع به ، إذ احتمال أن لهم دليلا على اللزوم لم يصل إلينا في غاية البعد ، خصوصا بعد تصريحهم بالاستدلال على اللزوم بما عرفت مما لا يقتضي لزوم العقد والله العالم.
وكيف كان فـ ( الكلام في فصول أربعة ).
الأول : في المعير ولا بد أن يكون مكلفا جائز التصرف فلا يصح اعارة الصبي ولا المجنون لما لهما لسلب عبارتهما وفعلهما في المعاملات ، وكذا لا يصح إعارة المحجور عليه لفلس أو سفه ، بناء على عدم جواز مثل هذا التصرف لهما ، وكان الاولى الاستغناء بجواز التصرف عن التكليف الذي اقتصر المصنف في التفريع عليه ، والأمر سهل.
إنما الكلام في قول المصنف ولو أذن الولي جاز للصبي مع مراعاة المصلحة كالمحكي عن الإرشاد ، وإنما تصح من جائز التصرف ، ولو أذن الولي للطفل صح أن يعير مع المصلحة ، وفي التحرير واللمعة وغيرهما « يجوز للصبي أن يعير إذا أذن له الولي » وعن التحرير تقييده بالمميز فإن الإذن لا يجعل المسلوب غير مسلوب كما هو مفروغ منه في غير المقام ، وكون العارية من العقود الجائزة لا يقتضي ذلك ، وإلا لجازت مضاربته ووكالته بإذن الولي.
ودعوى كون الإذن من المالك بمنزلة الإيجاب منه لأن المدار في العارية على رضا المالك وهو الولي هنا ـ يدفعها عدم الفرق حينئذ بين المميز وغيره ، بل وبينه وبين المجنون ، بل بين هذا العقد وغيره من العقود الجائزة ، بل وبينه وبين المعاطاة في البيع وغيره ، ضرورة رجوع ذلك إلى كون الصبي حينئذ آلة والإيجاب والإنشاء بفعل الولي الذي هو الإذن ، وإرسال الصبي ونحو ذلك.
نعم ينبغي اعتبار قصد الولي إنشاء الإيجاب بذلك ، وهو خلاف ظاهر العبارات السابقة المبني على اختصاص العارية بهذا الحكم ، ولو بجعل إذن الولي وأمره فعل