منح غيره بقرة أو ناقة أو شاة لينتفع بلبنها مدة لزمه الوفاء بذلك ، إذا قصد بها وجه الله تعالى شأنه » إذ هو كما ترى لا يدخل في الهبة قربة إلى الله تعالى لتجده الحلب آنا فآنا ، كما لا دليل على لزومها منحة أو عارية ما لم يكن ملزم خارجي من عهد أو نذر أو يمين أو اشتراط في عقد لازم كما هو واضح. هذا.
وفي بعض نسخ الكتاب ولا يستباح وطى الأمة بالعارية ، وفي استباحتها بلفظ الإباحة تردد ، والأشبه الجواز وتعرف الكلام فيه إنشاء الله تعالى في كتاب النكاح عند تعرض المصنف له والله العالم.
وكيف كان فلا خلاف ولا إشكال في أنها تصح الإعارة مطلقة ومدة معينة لإطلاق الأدلة ، لكن المراد بصحتها مدة ، عدم الاذن فيما بعدها ، لا لزومها إليها نحو ما سمعته في عقد القراض ، وحينئذ ( فـ ) للمالك في الحالين الرجوع بها لما عرفت من كونها عقدا جائزا.
ومن ذلك ما لو أذن له في البناء أو الغرس مطلقا أو إلى مدة ، ثم أمره بالإزالة وجبت الإجابة خلافا للمحكي عن أبي على فلم يوجبها قبل انقضائها في خصوص عارية الأرض القراح للغرس والبناء ، بل في محكي المبسوط إذا أذن له أي في الغرس إلى سنة ورجع قبلها لم يلزمه القلع بلا خلاف ، إلا أنه مع عدم كونه خلافا في جواز العارية ، لما عرفته سابقا من أعمية عدم وجوب القلع لذلك ضرورة تحقق انفساخها بالفسخ وإن لم يلزمه الإجابة ، لكن تتعين عليه الأجرة مثلا.
وكذا الكلام ( فـ ) ي عارية الأرض للزرع فان له الرجوع ولو قبل إدراكه على الأشبه بأصول المذهب وقواعده التي منها معلومية جواز عقد العارية الذي منه محل البحث ، خلافا للمحكي عن الشيخ وابن إدريس من وجوب الوفاء على المعير في الزرع إلى حين إدراكه ، لأن له وقتا ينتهى إليه ، وظني أن مرجع كلامهما إلى عدم وجوب الإزالة ، لا إلى عدم جواز العارية ، وبينهما فرق واضح.