صلاحية نقل البيع للمنفعة ، والإجارة للعين ، كي يخرج به عن مقتضى أصالة عدم الانتقال ونحوها.
ولا يقدح في هذا الضابط جواز عارية المنحة للحلب دون الإجارة له ، عكس المرأة للرضاع بعد أن كان ذلك بالدليل ، مع إمكان منع كون الأول عارية حقيقة ، بل هو إباحة كغيرها من إباحات إتلاف الأعيان ، وجواز المنحة أعم من كونه عارية وإمكان منع نقل عين اللبن بها في الثاني ، وإن استلزم الإرضاع الذي هو عمل محض إتلاف اللبن.
كما لا يقدح لذلك أيضا جواز نحو استيجار الحر ، دون عاريته ، في العكس المستفاد من الكلية المزبورة ، ولو بقرينة إرادة ضبط مورد الإجارة منها ، ولا يتم إلا بكلية العكس ، على أن المراد بالضابط المزبور من حيث كونه عينا ينتفع بها مع بقائها ، فلا يقدح وجود مانع آخر للعارية أو الإجارة كما هو واضح.
نعم لا شيء مما لا تصح إعارته لعدم كونه عينا ينتفع بها تصح إجارته ، بلا خلاف أجده فيه أيضا ، بل الإجماع بقسميه عليه ، مضافا إلى أصالة عدم الانتقال بعد معلومية كون موردها غير ذلك عرفا ولغة على وجه تنصرف الأدلة إليه ، فلا شمول في شيء منها حينئذ كي يعارض الأصل المزبور.
وأما إجارة المشاع فهي جائزة عندنا كالمقسوم كما في المسالك والروضة ، لعموم (١) ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) وخصوص إطلاقات الإجارة ، واستيفاء المنفعة ممكن بموافقة الشريك.
نعم لا يسلم العين إلا باذنه ، ولو أبى رفع أمره إلى الحاكم ، كما إذا تنازع الشريكان ، والإشاعة لا تنافي معلومية المشاع بحسب حاله ، ولذا جاز وقوع البيع عليه وغيره من العقود ، ولا فرق في صحة إجارته بين العلم بإشاعته والأقدام عليها ، وبين الجهل بذلك ، كما إذا أقدم على استيجار الكل مثلا ، فبان عدم استحقاق المؤجر أزيد من النصف ، ولم يجز المالك ، وان كان للمستأجر حينئذ خيار تبعيض الصفقة ،
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ١.