« على اليد » و (١) « لا ضرر » و (٢) ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) ونحو ذلك مما يقضي بذلك ضرورة أنه مع بطلان العقد يبقى كل من العوضين على ملك صاحبه ، فيجب على كل منهما رده بعينه إذا كان موجودا ، وإن كان تالفا بقيمته أو مثله ، لفساد الالتزام بالمسمى بفساد العقد الذي قد وقع فيه ، ومنه أجرة المثل في المقام ، فإنها هي قيمة المنفعة المستوفاة.
ومن ذلك كله ظهر لك الوجه في الحكم المزبور. نعم قيده الشهيد في المحكي من حواشيه بما إذا لم يكن الفساد باشتراط عدم الأجرة في العقد ، أو عدم ذكرها فيه. لدخول العامل على ذلك ، واستحسنه في المسالك ، وكان وجهه أنه متبرع بالمال والعمل مجانا ، قادم على ذلك ، فهو أشبه شيء حينئذ بالعقود الفاسدة المجانية ، كالهبة والعارية ونحوهما (٣) « مما لا يضمن بفاسدهما ، فلا يضمن بصحيحهما ».
بل قد يقال بشمول هذه القاعدة للفرض ، بناء على إرادة أشخاص العقود منها لا أصنافها ، ولا ريب في عدم الضمان في المقام لو فرض صحة العقد المزبور ، فكذا لا يضمن به على الفساد ، للقاعدة المزبورة التي عرفت أن الوجه فيها إقدامهما على عدم الضمان في التقديرين ، كما أنك قد عرفت تقريره حينئذ هنا.
لكن مع ذلك كله في جامع المقاصد بعد أن حكاه أنه صحيح في العمل « أما مثل سكنى الدار التي يستوفيها المستأجر بنفسه فإن اشتراط عدم العوض إنما كان في العقد الفاسد الذي لا أثر لما تضمنه من التراضي ، فحقه وجوب أجرة المثل ، ومثله ما لو باعه على أن لا ثمن له ، وأما لو كان مورد الإجارة منفعة الأجير ، فيعمل بنفسه مع فسادها فوجه عدم استحقاقه شيئا ظاهر ، لانه متبرع بالعمل ، وهو المباشر لإتلاف المنفعة ».
__________________
(١) الوسائل الباب ١٧ من أبواب الخيار الحديث ٤ ـ ٥.
(٢) سورة النساء الآية ٢٩.
(٣) هكذا في النسخ والظاهر « مما لا يضمن بصحيحهما فلا يضمن بفسادهما.