فدخول ما زاد يخرج العقد عن وضعه ، ويحتاج إثباته إلى دليل ، بل في الأول منهما : الأجود عدم الصحة.
وأنكر عليه في الحدائق حاكيا له عن الأردبيلي أيضا بمنافاة ذلك لإطلاق الأدلة ، ولما يفهم من خبر قصة خيبر ، وأن اليهود كانوا كثيرين ، وقد زارعهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولما هو معلوم جوازه في باقي العقود من تعدد الموجبين والقابلين إلا أن الجميع كما ترى ، ضرورة عدم تناول الإطلاق لما هو المفروض الذي هو تركب العقد من ثلاثة أو أربعة على وجه تكون أركانا له ، وأن المزارعة حينئذ مركبة من مالك أرض ، ومن ذي عمل ، ومن ذي عوامل ، ومن ذي بذر ، فإنه لم يعهد في شيء من العقود كذلك ، لا أن المراد عدم صحة وقوع المزارعة من أكثر من اثنين ، بمعنى عدم جوازها من الشركاء في أرض مثلا أو عدم جوازها لجماعة على وجه الشركة في عمل الزراعة ، فإن ذلك لا يتصور منعه ممن له أدنى دربة ، بل يمكن القطع به من ملاحظة نصوص (١) الأكرة والعلوج وغيرهما ، وقصة خيبر إنما هو من ذلك لا من محل الفرض الذي لا دليل على جوازه.
بل قد يستفاد من قول الصادق عليهالسلام في خبر أبي الربيع الشامي (٢) وغيره المفروض فيه التسمية للبذر ثلثا وللبقر ثلثا « لا ينبغي أن يسمى بذرا ولا بقرا ، ولكن يقول لصاحب الأرض : أزرع أرضك ، ولك منها كذا وكذا نصفا أو ثلثا ، أو ما كان من شرط ولا يسم بذرا ولا بقرا ، فإنما يحرم الكلام » عدم جواز ذلك وإلا كان ما في هذه النصوص ساقطا ، إذ لم أر أحدا أفتى بمضمونها سوى ما يحكى عن ابن الجنيد قال : « ولا بأس باشتراك العمال بأموالهم وأبدانهم في مزارعة الأرض وإجارتها إذا كان على كل واحد قسط من المؤنة ، وله جزء من الغلة ، ولا يقول أحدهم ثلث للبذر ، وثلث للبقر ، وثلث للعمل ، لأن صاحب البذر يرجع إليه بذره وثلث الغلة من الجنس ، وهذا ربا ، فان جعل البذر دينا جاز ذلك ».
__________________
(١) الوسائل الباب ١٤ و ١٢ من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة.
(٢) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة الحديث ـ ١٠.