وعن ابن البراج لا يجوز أن يجعل للبذر ثلثا ، وللبقر ثلثا ، ويمكن إرادتهما أيضا ما ذكرناه ، لكن في المختلف بعد أن ذكر النصوص المشتملة على ذلك « والوجه الكراهة ولا ربا هنا ، إذ الربا إنما يثبت في البيع خاصة ».
قلت : ينافي الكراهة التعليل في النصوص بأنه « إنما يحرم الكلام » المراد منه بحسب الظاهر الحرمة والفساد مع هذه التسمية والتوزيع ، بخلاف ما لو جعل الحصة في مقابلة الزراعة ، وإن كانت هي في الواقع ملحوظة في مقابلة ذلك كما هو واضح ، وليس المراد الربا حقيقة ، بل المراد صورته أو في خصوص ما لو جعله قرضا مشترطا ذلك ، وإلا فلا ربا قطعا في ثلث البقر مثلا كما هو واضح.
ومن الغريب ما في حواشي المجلسي من أن قوله « للبذر ثلثا » إلى آخر يحتمل وجهين أحدهما : إن اللام للتمليك ، فالنهي لكونهما غير قابلين للملك ، وثانيهما : أن يكون المعنى ثلث بإزاء البذر ، وثلث بإزاء البقر ، فالنهي لشائبة الربا في البذر.
إذ هو كما ترى ولا ريب في أن الأولى حمل هذه النصوص على إرادة عدم جواز توزيع المزارعة ، وإنما شرعيتها جعل الحصة على عمل الزرع ، بل مقتضى ذلك عدم جواز بعض الصور التي قد سمعت أنها مجمع عليها ، كتحقق المزارعة بدفع بقرة أو بعضها أو البذر أو بعضه ، إلا أن الإجماع أخرجنا عن ذلك.
وأما ما في أيدي الناس الآن من اشتراك المالك والفلاح وصاحب البذر أثلاثا فقد يقال إنها بعقدين لا عقد واحد ، بمعنى أن المزارعة تكون بين صاحب الأرض والبذر ، ثم صاحب البذر الذي هو المزارع يزارع الفلاح على النصف من حصته مثلا أو تكون بين صاحب الأرض والفلاح ، ثم هو يزارع صاحب البذر بالنصف من حصته مثلا ، لما ستعرف من أن للمزارع أن يزارع ، وإلا كانت محل اشكال ، اللهم إلا أن يجعل مثلا ذلك سيرة كاشفة عن جواز مثل ذلك.
لكن لا ريب في أن الأحوط خلافه ، بل لعل الأحوط عدم الاكتفاء في تحقق المزارعة ، بدفع بعض العوامل ، كما يستعمله أهل القرى من إعطاء الدابة بالسدس