اللهم إلا أن تقوم قرينة على إرادة إنشاء العزل بذلك ، وهو خروج عما نحن فيه حينئذ ، كما هو واضح.
بقي شيء : وهو أنه قد يفهم من التعبير بالبطلان وذكر ذلك في سياق الجنون والموت والإغماء ونحوها أن تلف ما تعلقت به الوكالة وفعل الموكل ما وكل فيه أو ما ينافيه كذلك أيضا.
لكن قد يقال : إن الظاهر خلافه ، وإلا لاقتضى انفساخ العقد بتلف بعض ما وكل فيه مثلا ، ضرورة عدم تبعض العقد ، وإنما المراد من البطلان انتفاء موضوع الوكالة ، لا انفساخ عقدها ، فلا ينافي حينئذ بقاؤها فيما بقي من موضوعها.
وفيه : أنه لا مانع من التزامه على معنى البطلان في بعض متعلقة ، لتلف بعض المبيع ، والمسلم من عدم تبعض العقد أنه لا يكون بعض العقد سببا ، بعد أن كان مجموعه سببا ، لا في نحو المقام ، وقد تقدم سابقا التحقيق في صحة تبعض الصفقة في ملكه وملك الغير ، بل وفي بيع الشاة والخنزير ، كما أنه تقدم صحة الإقالة في بعض المبيع دون بعض.
نعم لا يجوز ذلك في الخيار لا للتبعض ، بل لعدم ظهور دليله في مشروعية ذلك ، بل لعل ظاهره العدم ، بخلاف نحو المقام الذي يمكن القول بجواز فسخ الوكالة في بعض ما وكل فيه ، دون بعض ، والله العالم.
ثم إنه ينبغي أن يعلم أن اقتضاء هذا القسم انعزال الوكيل لا يتوقف على العلم به ، بل هو يؤثر أثره لإطلاق أدلته ، فينتفي موضوع الوكالة وإن لم يعلم الوكيل ، فلو تصرف ينكشف بطلان تصرفه ، وتسمع إنشاء الله تعالى مزيد تحقيق لذلك.
وعلى كل حال فـ ( العبارة ) حينئذ عن العزل أن يقول : عزلتك أو أزلت نيابتك ، أو فسخت ، أو أبطلت ، أو نقضت ، أو ما جرى مجرى ذلك من كل لفظ صالح لقصد إنشاء الدلالة على ذلك ، بل وكل فعل. نعم لا عبرة بالفسخ النفساني ، للأصل وغيره.