فالمتجه جعل المدار في ذلك على كون العيب والغبن في خصوص ذلك المبيع مما يخفى على أهل النظر بعد البحث والنظر ـ وعدمه ، فإن كان ، وقع للمالك ويثبت الخيار ، وإلا كان فضوليا ، فما في قواعد الفاضل ـ من الفرق بين المعيب والغبن فحكم بالفضولية في الثاني مع العلم والجهل ، بخلاف الأول ـ في غير محله ، خصوصا بعد تصريحهم على ما قيل في مسألة تلقي الركبان التي أخبارها هي الأصل في خيار الغبن بعدم الفرق بين الوكيل والأصيل.
وفي دعائم (١) الإسلام عن أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام « أنه قال : من وكل وكيلا على بيع فباعه له بوكس من الثمن جاز البيع عليه ، إلا أن يثبت أنه تعمد الخيانة ، أو حابى المشتري بوكس.
وكذلك إن وكله على الشراء فتغالى فيه إن لم يعلم أنه تعمد الزيادة أو خان أو حابى فشراؤه جائز عليه ، وإن علم أنه تعمد شيئا من الضرر رد بيعه وشراؤه ، ولو وكله على بيع شيء فباع بعضه وكان ذلك على وجه النظر فالبيع جائز ».
بل هو في محكي التذكرة في كتاب المضاربة قد صرح بأنه لا يمكن معرفة قيم المتقومات في الواقع ، ومن المعلوم وقوع الغبن من العاملين فيها ، ولم يقل أحد بفساد البيع ، وعدم تناول وكالة المضاربة لذلك ، كما هو واضح.
إنما الكلام في مخالفة المصلحة منه في مثل الخيار ونحوه ، فترك الفسخ مثلا فيما كان مصلحة المالك به ، أو اختاره في صورة العكس ، ولعل حكم الثاني عدم مضيه على المالك ، لعدم ثبوت الإذن له فيه ، أما الأول فلا ريب في تحقق الإثم عليه لكن ليس عليه إلا ذلك ، فتكون المصلحة التي يجب على الوكيل مراعاتها على قسمين :
أحدهما : ما يرجع إلى تقييد الإذن في الوكالة على وجه يكون خلافها غير الموكل فيه ، كالبيع بثمن المثل مع وجود الباذل.
وثانيهما : تكليف شرعي لا مدخلية له في إذن الوكالة ، وحينئذ فلو ترك الفسخ
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٥١٠ الدعائم ج ٢ ص ٥٧ الطبعة الثانية بمصر.