كتاب الوديعة
واحدة الودائع قال الكسائي على ما في الصحاح : يقال : أودعته مالا أي دفعته إليه يكون وديعة عنده ، وأودعته أيضا : إذا دفع إليك ما لا يكون وديعة عندك ، فقبلتها ، وهو من الأضداد.
وكيف كان فـ ( النظر ) في هذا الكتاب يقع في أمور ثلاثة : الأول : في العقد وهو لفظ يقتضي استنابة في الحفظ والظاهر كون لفظ الوديعة كلفظ البيع والصلح والإجارة ونحوها ، فيأتي البحث حينئذ في أنها أسماء للعقود أو لآثارها وغاياتها المترتبة عليها ، أو للمعنى الصادر من الموجب ، وهو النقل في البيع والاستنابة في الحفظ هنا ، وقد تقدم لك التحقيق في محله وأن الأصح الأخير ، أو أن مرجع الجميع الى معنى واحد.
نعم قد ذكرنا هناك أن بعضهم ادعى حصول هذه الأسماء بواسطة العقد وغيره ، فالبيع مثلا يحصل بالعقد وبغيره ، وهو المسمى في عرفهم بالمعاطاة ، والظاهر أن الأمر هنا عنده كذلك ، لاشتراكها في دعوى السيرة القطعية على وقوعها بغير العقد ، على أنها وديعة ، وإن كان قد يقال : بل يقوى أن ما يقع بغير ما ذكروه من عقدها المتوسع فيه وفي غيره من العقود الجائزة أمانة ، لا وديعة ، بحيث يجري عليه حكمها المختص بها ، كقبول دعوى الرد فيها ونحوه ، وإن كان يطلق عليه اسم الوديعة تسامحا ، أو لعدم تمييز بين العنوانات الشرعية ، نحو إطلاقهم اسم البيع على إباحة العين من كل وجه بعوض عنها كذلك.
ثم إن الظاهر من تعريفهم العقد اختصاص مسماه بالألفاظ ، دون الافعال والمركب منها ومن الأقوال ، لكن قد يظهر من المصنف وجماعة بل هو صريح بعضهم تحقق العقد الجائز بالإيجاب اللفظي والقبول الفعلي ، ولم نجد له شاهدا فان