تميم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالوا : قد ظهر على ابن بندي وابن أبي مارية ما ادعيناه فانتظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الحكم من الله في ذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلى آخر الآية ، فهذه الشهادة الأولى التي جعلها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ( فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً ) أي أنهما حلفا على كذب ( فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما ) ، يعنى من أولياء المدعى من الذين استحق عليهم ، وفيقسمان بالله ، أي يحلفان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما فإنهما قد كذبا فيما حلفا ( بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ ) إلى آخره فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على أمرهم ، فحلفوا فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم القلادة والآنية من ابن بندي وابن أبي مارية وردهما على أولياء تميم الداري ، » وهو وإن كان مضمونه غير الأول ، ضرورة صراحته في حلف أولياء تميم بمجرد دعواهم ، إلا أنه على كل حال مخالف للضوابط والقواعد.
نعم في غير هذا الخبر أن النصرانيين قد ادعى شراءه عن تميم ، وأنكرهما الورثة ، ولعل هذا الوجه في تحليف الوليين ، ويمكن أن يكون الإرث منحصرا فيهما ولذلك حلفا إلا أن ذلك كله أجنبي عن ظاهر الآية ، كما ان هذا الخبر الذي هو السبب في نزول الآية أجنبي عما عند الأصحاب من قبول شهادة أهل الذمة في الوصية لعدم تضمنه شيئا من ذلك.
وعلى كل حال فالعمل على ظاهر الآية ما لم يثبت نسخها ، وقد أطنب في مجمع البيان في تفسيرها وإعرابها وقراءتها حتى حكى عن الزجاج من ثم ( فَإِنْ عُثِرَ ) إلى آخر الآية أصعب آية في القرآن إعرابا خصوصا على قراءة فاستحق بالبناء للفاعل ، وليس المقام مقام تحرير ذلك فراجع وتأمل ، وان كان الأظهر جعل الأوليان خبر مبتدأ محذوف أى هما الأوليان ، بمعنى هما اللذان بقومان ويحلفان من بين الذين استحق عليهم أي الورثة أو استحق الموصى له عليهم على قراءة البناء للفاعل.
ولو شهد عدل وذمي فالأقرب وجوب اليمين حينئذ كما في القواعد ولعله لعدم تمام الحجة بهما. وإن كان العدل أولى من الذمي ، لكنه خارج من مفروض المشروعية ولا عبرة بمثل الأولوية المزبورة بل هي في الحقيقة قسم من الاستحسان ، والله العالم.
وكيف كان فلا خلاف في أنه تقبل في الوصية بالمال شهادة العدل