صحة النيابة ، وأنت إذا تأملت لم تجد لهذا الكلام حاصلا ينطبق عليه ظاهرا من ذكر ذلك شرطا على حسب اشتراط العقل ونحوه.
وأغرب من هذا ما عساه يظهر من بعضهم من الاستدلال على اشتراط العدالة بأن الفاسق لا يصلح للولاية على الطفل ، وفيه أنه لا خلاف ظاهرا في ثبوت ولاية الأب والجد على الطفل ، وإن كانا فاسقين ، بل في جامع المقاصد الاعتراف بأن ذلك مقتضى النص والإجماع وأنه لا دليل على اشتراط العدالة.
نعم قال : فيدفع محذور الفسق بأن الحاكم متى ظهر عنده بقرائن الأحوال ، اختلال حال الطفل إذا كان للأب عليه ولاية ، عزله ومنعه من التصرف في ماله ، وإثبات اليد عليه ، وإن ظهر خلافه فولايته ثابتة ، وإن لم يعلم استعلم بالاجتهاد وتتبع سلوكه وشواهد أحواله ، وفيه أنه لم يكون كذلك في الوصي ، ومع وجوب الاستعلام بالاجتهاد وتتبع الأحوال لوجوب حسن الظن بالمسلم ، فعله على الوجه الصحيح ، وأنه لا يقصر فيما وجب عليه ، كما هو مقرر في محله ، هذا كله في الوصية إلى الفاسق ابتداء.
أما لو أوصى إلى العدل من حيث كونه عدلا ففسق بعد موت الموصى أمكن ببطلان وصيته بل ينبغي الجزم به ، وإن لم نقل باشتراط العدالة في الوصي بلا خلاف أجده فيه ، بل عن المهذب وشرح الصيمري الإجماع عليه إلا من الحلي ، وفي جامع المقاصد كأنه لا خلاف فيه لعدم مقتضيها ، ضرورة كون فرض عبارة النصب له من حيث العدالة ، فمع فسقه لم تشمله عبارة النصب ، فلا يكون وصيا ، ودعوى ـ أن العدالة من الأوصاف التي لا يتغير الموضوع بفقدها ـ يدفعها وضوح فسادها ، إذ الموضوع إن كان الذات مع الوصف فلا ريب في تغير الموضوع بعدمها ، كوضوح فساد دعوى الاكتفاء بالعدالة في ابتداء النصب دون استمراره ، لأن الوثوق ربما كان باعتبار صلاحه ، فلم يتحقق الوثوق عند زواله.
نعم لو أوصى إلى العدل لا من حيث العدالة ، بل من حيث ذاته ، ففسق فإن وصيته ثابتة ، بناء على صحة وصاية الفاسق ، بل لعله كذلك أيضا إذا كانت العدالة داعيا وباعثا