ولو كان للوصي على وفاء الديون أو على ما يشمله على وجه له التخيير في جهات القضاء دين على الميت الذي هو وصية على الوجه المزبور جاز أن يستوفى دينه مما في يده من غير إذن الحاكم ، إذا لم يكن له حجة على إثبات حقه ودينه ، بل الأقوى ما قيل : من أنه يجوز مطلقا أي سواء كان له حجة أولا ، وعن الشهيدين اختياره ، لأن فائدتها احتمال كذب المدعى ، والمفروض عدمه ، كما أن المفروض وصايته على وجه له التخيير في جهات القضاء ، فلم يكن إشكال في استيفائه ، ضرورة أولويته مما حكى الاتفاق عليه من جواز إيفائه ما يعلمه من دين الأجنبي كذلك ، ولا يشكل ذلك بالأصل ، وموثقه يزيد بن معاوية (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام : « قلت له : إن رجلا أوصى إلي فسألته أن يشكر معي ذا قرابة له ففعل وذكر الذي أوصى أن له قبل الذي أشركه في الوصية خمسين ومائة درهم وعنده رهن بها جام فضة ، فلما هلك الرجل أنشأ الوصي يدعي أن له أكرار حنطة قال : إن أقام البينة ، وإلا فلا شيء له ، قال : قلت له : أيحل له أن يأخذ مما في يده شيئا؟ قال : لا يحل له ، قلت : أرأيت لو أن رجلا عدا عليه فأخذ ماله فقدر على أن يأخذ من ماله ما أخذ أكان ذلك له؟ قال : « ان هذا ليس مثل هذا » لانقطاع الأصل بما عرفت ، وخروجه الموثق عن الفرض باعتبار الاشتراك في الوصية على وجه ليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف من دون إذن الآخر ، الذي ليس له إجازة هذا الأخذ من دون إثبات ، مع أنه لم يعلم الوصاية فيه على وفاء الدين ، والمقاصة مع عدم علم المقتص منه ، وكون امتناعه على الشرع غير مشروعة ، وأنها موضوعها نحو ما في الخبر « الأخذ من مال من عدا عليك » ، « وأخذ مالك » المندرج في قوله تعالى (٢) ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) ومن هنا قال : إن هذا ليس مثل ذلك.
ومن ذلك يعلم أيضا الفرق بين موضوع الفرض وبين الأجنبي الذي له دين ضرورة كون الفرض أن الديان الوصي الذي له الولاية على وفاء الدين ، بأي فرد شاء من أفراد التركة ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٩٣ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.
(٢) سورة البقرة الآية ١٩٤.