بخلاف الأجنبي ، فإنه لا ولاية له على ذلك ، ولذا جعل الأصحاب موضوع المسألة الوصي.
نعم قد استدل بعض الناس له بالمقاصة ، وبأنه محسن في استيفاء الدين « و ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (١) » ومقتضاهما عدم الفرق بين الأجنبي والوصي في ذلك ، ويتأتى البحث حينئذ في اشتراط المقاصة بإذا الحاكم وعدمه ، مع اختلاف الجنس أو مطلقا ، وبعدم التمكن من قيام البينة وإمكانه ، وإن كان قد يقوى في النظر عدم اشتراط شيء من ذلك في الممتنع ، عملا بإطلاق أدلة المقاصة من غير فرق بين المديون نفسه ووارثه لإطلاق أدلة المقاصة (٢) ، وكذا من تعذر له الوصول إلى حقه ، لعدم البينة المثبتة مثلا ، وإن لم يكن امتناع فإنه يرجح حقه على غيره بقاعدة نفي الضرر والعسر والحرج ونحوها أما غير الممتنع الذي يتمكن صاحب الحق من إثبات حقه عليه ، فقد يشكل مقاصته من غير إذنه ، باعتبار اقتضائها إسقاط حقه من تخيير الوفاء بأي جنس شاء ، من غير فرق أيضا بين المديون ووارثه.
ولعله لذا فصل المصنف هنا والحلي والفاضل فيما حكى عنهما بين صورتي العجز عن الإثبات وعدمه ، فيقتص في الأول ، دون الثاني ، وهو جيد ، لكنك قد عرفت أن موضوع المسألة هنا الوصي الذي قد عرفت عدم جريان هذا التفصيل فيه باعتبار ولايته على استيفاء الدين على وجه له التخيير ، اللهم إلا أن يكونوا جعلوا موضوعها الوصي المساوي للأجنبي ، وهو الذي لم يجعل وصيا على وفاء الدين ، فيتجه حينئذ لهم هذا التفصيل بل لعل منه أيضا الوصي على وفاء الدين الذي لم يجعل التخيير في الوفاء إليه ، فإنه حينئذ كالأجنبي ، بل لعل من أطلقت وصايته على وفاء الدين كذلك ، فإن الإطلاق لا يقتضي تخييره في الأفراد من غير إذن الوارث ، فيبقى حقه في التخيير.
ومن ذلك كله يعلم لك الحال في جميع شقوق المسألة ، كما أنه يعلم لك الحال فيما أطنب فيه في الرياض ، مع أنه لم يأت بشيء كما لا يخفى على من لاحظه. والله العالم والموفق.
__________________
(١) سورة التوبة الآية ـ ٩١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٨٣ ـ من أبواب أحكام ما يكتسب به.