وكيف كان فـ ( لنفسه من نفسه ) باعتبار ولايته على المال الذي يريد شراءه بالوصاية من غير فرق بين كونه مال طفل أو غيره تردد وخلاف ، فالمشهور على الأول لوجود المقتضي الذي هو صدور العقد من أهله في محله ، فتشمله العمومات والإطلاقات ، وانتفاء المانع ، إذ لم يثبت اشتراط التغاير الحقيقي بين الموجب والقابل ، بل مقتضى العمومات نفيه ، ولذا جاز شراء الأب من ماله ولده ، وجاز في النكاح الذي وأعظم من هذا المقام ، مع أنه يمكن فرضه في التوكيل عن نفسه ، أو عن من هو ولي عنه ، اللهم إلا أن يلتزم الخصوم بجواز مثل ذلك ، أو بمنع كونه تعددا حقيقيا ، ضرورة كون لفظ الوكيل لفظ الموكل ، فالعمدة في الدليل الأول ، مضافا إلى الخبر (١) المنجبر قصوره بعمل الأكثر ، وفيه « هل للوصي أن يشترى من مال الميت ، إذا بيع فيمن زاد يزيد ، ويأخذ لنفسه ، فقال : يجوز إذا اشترى صحيحا ».
وقيل كما عن الخلاف والحلي لا يجوز ، لوجوب التغاير بين الموجب والقابل ، وهو مفقود ، وقياسه على شراء الأب من مال ولده قياس ، ولما عن ابن مسعود (٢) « من أن رجلا أوصى إلى رجل ببيع فرس له ، فاشتراه الوصي لنفسه ، واستفتى عبد الله بن مسعود فقال : ليس له ذلك » وفي محكي الخلاف بعد أن حكى ذلك عن ابن مسعود قال : ولا يعرف له مخالف ، وللأخبار (٣) المانعة عن شراء الوكيل لنفسه الذي هو بمنزلة الوصي.
وفيه منع اعتبار التغاير حقيقة كما هو مقتضى الإطلاقات والعمومات ، فيكفي حينئذ التغاير الاعتباري نحو ما في شراء الأب من مال ولده الصغير الثابت بالإجماع حتى من الخصم ، وكذا النكاح بل عن الطوسي دعوى الإجماع على الاكتفاء به فيه ، والاستدلال بهما على المطلوب ليس من القياس ، بل من اتحاد طريق المسألتين ، بل لعل المقام أولى من النكاح في الجواز ، ولا أقل من أن يكون ذلك عاضدا للإطلاقات والعمومات وكاشفا عن إرادة العموم منها على وجه يشمل ذلك ، وخبر ابن مسعود بعد أن لم يكن مسندا إلى من يجب اتباعه لا حجة فيه ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٨٩ ـ من أبواب أحكام الوصايا الحديث ـ ١.
(٢) المغني لابن قدامة ج ٥ ص ٢٣٨.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب آداب التجارة.