وعدم وجدان المخالف له لا يصيره إجماعا ، وأخبار الوكيل بعد فرض القول بها فيه يمكن الفرق بينه وبين الوصي بثبوت الولاية للثاني بخلافه وقد ظهر من ذلك كله أن الأشبه بأصول ذلك المذهب وقواعده الجواز لكن إذا أخذ أي الوصي بالقيمة العدل ولم يكن ثمة من يزيد عليه لوجوب مراعاة المصلحة في ذلك خصوصا بعد قوله تعالى (١) ( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) وقد تقدم تمام الكلام في باب البيع والرهن والحجر وغيرها في هذه المسائل وفي جواز اقتراض الولي المال مع الملائة والرهن وعدمهما فلا حظ وتأمل والله هو العالم.
وإذا أذن الموصى للموصى أن يوصى على ما أوصاه به من أطفال أو حقوق أو غير ذلك جاز إجماعا بقسميه لعموم ( فَمَنْ بَدَّلَهُ ) وغيره ، فيكون حينئذ وصايا عن الوصي لا عن الموصى ، فيجوز له الرجوع عنه ما دام حيا ، وهل يجوز نصب وصى عن الموصى مع التصريح من الموصى بذلك وجهان : لا يخلو أولهما من قوة.
وعلى كل حال لا إشكال في الجواز في الجملة مع الاذن ، كما أنه لا يجوز له ذلك إذا نهاه لذلك أيضا وانما الخلاف فيما إذا لم يأذن له ، ولكن لم يمنعه أيضا فهل له أن يوصى على ما بقي من وصايا الميت أو جميعها إن لم يكن قد أنفذ منها شيئا فيه خلاف بين الأصحاب أظهره المنع وفاقا للأكثر ، لعدم ثبوت ولاية له بعد الموت على ذلك ، إذ الفرض عدم ظهور عبارة الموصى في ذلك ، بل قيل إن المتبادر من استدامة مباشرة بنفسه أو بوكيله الذي هو بمنزلته ومجبور عمله بنظره ومندرج في وصايته ، دون الإيصاء إلى الغير المشتمل على الولاية بعد موته ، الذي يكفي في عدم جوازه عدم ثبوت الاذن من الموصى الأول فيه ، فضلا عما يقتضي عدمها ، خلافا للشيخ وابني الجنيد والبراج فجوزوا الإيصاء له ، لأن الاستنابة من جملة التصرفات التي يملكها حيا بالعموم كما يملكها بالخصوص ، ولأن الموصى أقامه مقام نفسه ، فيثبت له من الولاية ما يثبت له ، ومن ذلك الاستنابة بعد الموت.
__________________
(١) سورة الإسراء الآية ـ ٣٤.