كما أن الوارث لا يستحق شيئا إلا بعد الوصية النافذة ، فالوارث الموصى بمثل نصيبه لا نصيب له إلا بعد الوصية ، حينئذ فيكون ما للموصى له ، مماثلا لنصيبه بعد الوصية وعلى ما ذكروه لا يكون للوارث نصيب الموصى له ، فإنه في الأول لا نصيب له أصلا ، وفي الثاني لكل واحد من الولدين الربع ، وفي الثالث لكل واحد من الأولاد الثلاثة ثلث من الثلثين ، وهو لا يماثل ثلث الأصل ، كما أن الربع لا يماثل النصف ، وهو حينئذ خلاف مدلول الوصية ، وتبديل له ( فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ) (١) وعلى كل حال ، فهذه المسألة واشتباهها من المسائل الدورية ، لأن معرفة نصيب الوارث متوقفة على إخراج الوصية ، ومعرفة نصيب الموصى له انما يكون إذا عرفت نصيب الوارث ، إلا أنه لما كان الأمر فيها ظاهر ـ ضرورة انتقال الذهن إلى المراد بأدنى التفاوت ـ لم يذكروا في معرفتها طريق الجبر والمقابلة ، بل اكتفوا بما عرفت من تصحيح الفريضة على الورثة ، ثم زيادة واحدة يساوى أحدهم ، أو الأقل منهم على حسب ما سمعت.
بل لا فرق في ذلك بين الوصية بنصيب واحد منهم غير معين ، وبين الوصية بمثل نصيب واحد معين ، فإنه له أيضا مثل نصيبه مزادا على الفريضة ، فإن زاد على الثلث توقف على الإجازة ، وإلا نفذت الوصية ، بل لا فرق أيضا بين الوصية لأجنبي أو أحد الورثة بناء على ما عندنا من جواز الوصية للوارث ، خلافا لبعض العامة ، فإذا أوصى لوارث بمثل نصيب أحد وارثه ، فكالوصية للأجنبي التي قد عرفت الحال في أمثلتها التي منها أيضا لو كان له ابن وبنت ، وأوصى بمثل نصيب الابن فإن له سهمين من خمسة إن أجازا ولو قال : مثل نصيب البنت فله الربع ولو كان له ثلاثة بنين وثلاث بنات ، وأوصى له بمثل سهم بنت أو أحد وارثه فله العشر ولو قال : مثل نصيب ابنه فله سهمان من أحد عشر ، وهكذا كما هو واضح بعد كما عرفت.
ولو قال : في وصيته له مثل نصيب بنتي فعندنا يكون له النصف إذا لم يكن له وارث سواها ، لأن المال لها فرضا وردا ، فهي كالولد حينئذ في ذلك وفي أنه في أنه يرد إلى الثلث إذا لم تجز وكذا لو كان له بنتان كان له
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٨١.