فمثلاً قولنا ( إِنْ جاء زيد فأكرمه ) هل كلمة الشرط تدل على انَّ النسبة الإرسالية بين الإكرام والمكلف هي المعلقة على الشرط حتى يكون المدلول التصوري للجزاء معلقا؟ أو انها تدل على انَّ الإلزام والإيجاب الثابت في نفس المولى يكون معلقا على الشرط حتى يكون المدلول التصديقي للجزاء معلقا؟ وليس المقصود من الشق الأول انَّ المدلول التصديقي للجزاء سوف لا يكون معلقا بل يمكن أَنْ يكون المدلول التصديقي أيضا معلقا لكن بتبع المدلول التصوري فأولاً وبالذات تربط الأداة بين المدلولين التصوريين ثم بعد ذلك يسري التعليق إلى المدلول التصديقي.
والصحيح : اختيار الشق الأول وانَّ الأداة تربط الجزاء بالشرط في مرحلة المدلول التصوري لا التصديقي ، والمنبه على ذلك انه قد لا يوجد هناك مدلول تصديقي بإزاء الجزاء أصلا امّا لعدم وجود مدلول تصديقي للكلام رأساً ، كما إذا صدرت الجملة الشرطية من غير العاقل الملتفت كآلة التسجيل مثلا ، وامّا لأن المدلول التصديقي موجود للكلام ولكنه ليس موازيا للجزاء بل يكون موازيا لما دخل على الجملة الشرطية وذلك كما إذا قيل : ( هل إِنْ جاء زيد فتكرمه أو ليس إذا جاء زيد فتكرمه ) فانَّ المدلول التصديقي هو الاستفهام عن الجملة أو نفي مفاد الجملة دون إثبات الإكرام بنحو الاخبار أو بنحو الإنشاء ، ومع عدم وجود مدلول تصديقي للجزاء كيف يمكن للأداة
__________________
فإذا افترض انَّ المدلول التصديقي بإزاء الجزاء ترتب على ذلك امران :
الأول ـ انَّ ربط المدلول التصديقي للجزاء بالشرط ابتداءً ومن دون ربط المدلول التصوري لجملة الجزاء بالشرط غير صحيح في نفسه ، لأنَّ التقييد ليس من قبيل الإطلاق كاشفاً ابتداءً عن تقيد المدلول التصديقي بل بتبع تقييد المدلول التصوري ، نعم إذا كان القيد ابتداءً ناظراً إلى المراد والمدلول الجدي بأَنْ قال ( أكرم زيداً ) ثم قال مرادي مقيّد بصورة مجيئه كشف ذلك عن تقييد المدلول التصديقي ابتداءً ولكن من الواضح انَّ جملة الشرط لا نظر فيها ابتداءً إلى المراد الجدي ومع تجاوز مرحلة المدلول التصوري.
الثاني ـ ربط المدلول التصديقي للجزاء بالشرط بعد فرض انَّ المدلول التصديقي للجملة الشرطية بإزاء الجزاء لا يكون إلاّ بأحد وجهين :
١ ـ أَنْ يكون التعليق على الشرط بنحو النسبة الناقصة وتكون الشرطية بحكم الوصفية ، وهذا ما تقدم انه خلاف ظاهر الشرطية وخلاف للمقصود ولا يرضى به المشهور أيضاً.
٢ ـ أَنْ تكون جملة الشرط تقييداً وتحديداً لوعاء صدق جملة الجزاء وفرض ثبوته ، وهذا هو ما قاله المحقق الأصفهاني ( قده ) وعلى كلا التقديرين فسوف لن يكون للجملة مفهوم إلاّ إذا جرى الإطلاق في الحكم بنحو مطلق الوجود الّذي لو تم في مورد ثبت المفهوم حتى للوصف فضلا عن الشرط.