أو كانت نسبة إنشائية طلبية ـ معلّقة على الشرط فلا إشكال حينئذ في عدم سريان التعليق والربط إلى المدلول التصديقي ، لأنه عبارة عن الاخبار عن الربط والتعليق لا عبارة عن ما يوازي المعلق في المدلول التصوري فكيف يسري التعليق إليه؟ فانَّ التعليق انما يمكن أَنْ يسري إلى المدلول التصديقي فيما إذا كان المدلول التصديقي موازيا للجزاء الّذي هو المعلَّق في المدلول التصوري.
وامّا لو كان المدلول التصديقي موازيا لمفاد الجزاء في الجملة الشرطية لا موازيا لمفاد أصل الجملة الشرطية فحينئذ امّا أَنْ يكون الجزاء جملة إخبارية كما إذا قيل : ( إذا جاء زيد فأصافحه ) ، وامّا أَنْ يكون جملة إنشائية كما إذا قيل ( إذا جاء زيد فأكرمه ) ، فلو كان الجزاء جملة إخبارية فمن المعقول أَنْ يكون المدلول التصديقي معلقا أيضا ، كما إذا كان مقصود المتكلم أَنْ يخبر عن انه سوف يصافح زيداً لكن ليس مقصوده الاخبار الفعلي المطلق وانما مقصوده الاخبار المشروط والمنوط بمجيء زيد فيخبر عن المصافحة اخباراً منوطا بمجيء زيد فكأنما الاخبار على تقدير مجيء زيد ، كما انه من المعقول أَنْ لا يكون المدلول التصديقي معلقاً كما إذا قصد أَنْ يخبر بالفعل ويحكي بالفعل عن خصوص الحصة المعلقة لمفاد الجزاء فيخبر عن انه سوف أصافح تلك المصافحة التي تكون مشروطة بمجيء زيد ، وهذا لازمه انه لو لم يجئ زيد لكان هذا الشخص كاذبا إذ سوف لا يصافح تلك المصافحة التي تكون ثابتة عند مجيء زيد (١).
__________________
(١) إذا أُريد تعليق الإنشاء والجعل أو الحكاية والاخبار فمن الواضح انَّ التعليق انما يعقل في المفاهيم التي تنشأ وتعتبر أو يخبر عنها لا في نفس الإنشاء والاخبار اللذان هما الأمران التصديقيان ، وإِنْ أُريد تعليق المنشأ والمخبر به أي النسبة الحكائية التصادقية أو الإنشائية الإرسالية. فحينئذ وإِنْ كان قد يقال بأنَّ الإنشاء والجعل أو الاخبار والحكاية معلّق إلاّ انه بالعرض والمجاز وبلحاظ مجعوله ومحكيه وامّا نفس الجعل والحكاية ففعلي من غير فرق بينهما.
وامّا ما ذكر في مثال الاخبار عن المصافحة المقيدة بمجيء زيد فهو من أخذ المجيء قيداً في متعلَّق المخبر به لا نفسه أي الاخبار عن وقوع المصافحة المقيدة بالمجيء فيدل على الاخبار عن مجيء زيد فانَّ الأوصاف بعد العلم بها اخبار وليس المجيء قيداً للوقوع والنسبة التصادقية. وهكذا يتضح انَّ ربط المدلول التصديقي للجزاء بالشرط بالمعنى المعقول لتقييده لا يعقل إلاّ بأَنْ يكون المدلول الأساسي ومركز الجملة الشرطية هو الجزاء سواء كان إنشاءً واخباراً ، وهذا لا يناسب إلاّ مع مقالة المحقق الأصفهاني من انَّ الشرط لمجرد الفرض وتقدير وعاء الإنشاء والاخبار في الجزاء وانه ليس مطلقا بل في تقدير خاص ، فالجمع بين أَنْ يكون المدلول التصديقي في طرف الجزاء وفي نفس الوقت يكون مقيداً بالشرط على مبنى المشهور غير ممكن.